أيمن مزمل
كثيرا ما نشاهد اللاعب الأرجنتيني ليونيل ميسي بمواجهة ثلاثة مدافعين، ما هي من إلا لحظات وينطلق بالكرة من بينهم. هؤلاء التعساء يظهرون عادة وكأنهم بطيئون جداً، ولم يجدوا الوقت المناسب لقطع الكرة من بين أقدام (ميسي). ليصل إلى المرمى فيسدد أو يعطي الكرة لزميل آخر. هذا (النمط) شديد التكرار لفت نظر عدد من الباحثين لتقصي الأمر بشكل علمي. في العام 2013م اُتُّهِمَ ميسي بأنه يعاني من أحد أنواع اضطرابات الطيف التوحدي والذي يسمى (ايسبيرجر)
Asperger ‘s syndrome
لسببين الأول أن أصحاب هذا النوع من الاضطراب لديهم القدرة على ترجمة المؤثرات الصوتية والصور (والتي تلتقطها الأذن والعين) إلى المخ بشكل أسرع من المعتاد، وبالتالي وقت أقل في اتخاذ القرار. والسبب الثاني هو إتقان تكرار نفس النمط، ففي حالة ميسي فإنه يتمتع بكلتا الموهبتين. إلا أن هذا النوع من الاضطراب قد استبعد عن (ميسي)، لأن المصابين به عادة ما يكون لديهم عدم قدرة على التنسيق بين العضلات، بينما ميسي تكمن عبقريته في تناسق عضلاته وهو يراوغ خصمه.
في العام 2016م صدرت ورقة بحثية علمية قام بها كل من ساجد جعفري وسامون سميث بعنوان هل يستطيع ميسي إبطاء الزمن؟
Can lionel messi’ s brain slow down time passing
حيث لاحظا وجود نمط لميسي في تجاوز المدافعين، واختراقهم بصورة راتبة، على الرغم من توقع المدافعين لذات النمط، إلا أنهم يفشلون في اللحاق بالكرة من بين أقدام ميسي السريعة جداً.
حتى نفهم كيف يحاور اللاعب خصمه، يبدأ بقرار من المخ، فيبعث بإشارة كهربائية عبر الحبل الشوكي فتصل للأعصاب ومن ثم العضلة فتتحرك. هذا الوقت المستغرق منذ القرار في المخ وحتى وصوله إلى العضلة لدى اللاعب ميسي أسرع بكثير من الوضع الطبيعي للاعبين الطبيعيين بحسب ما وجده الباحثون. الآن لك أن تتخيل أن ميسي حينما تكون لديه الكرة فهو يرى غيره يتحرك بالسرعة البطيئة أو slow motion. شيء يشابه (طلقة) الرصاصة المنطلقة من زعيم عصابة باتجاه البطل في فلم هندي سيء السيناريو وسطحي الإخراج، حينها سوف تشاهد الرصاصة تتحرك بالحركة البطيئة بينما البطل يتحرك بحركته المعتادة. المفاجئة الهندية المضحكة عادة هو في رد فعل البطل الخارق القدرات أما أن يلتقط الرصاصة بيده المجردة ، أو أن يتفاداها أو في أحد الأفلام الهندية (التي أداره مخرج متحمس زيادة عن اللزوم)، قام البطل بالإمساك بالرصاصة بين شفتيه قبل أن يعيدها إلى العدو بنفخة من فمه!!!
هكذا يرى ميسي المدافعين الذين أمامه. هو يلتقط الكرة وأمامه مدافع تعس ذو قدرات طبيعية تتأخر لديه إشارات المخ إلى عضلات القدم فيكون (ميسي) قد عبر سهولا وفيافي وحال المدافع عادة (العين بصيرة للكرة، والإشارة بطيئة!!). ولربما من غيظ اللاعب المدافع ولفشله في اللحاق بميسي يقوم بارتكاب خطأ داخل منطقته فتحسب ضربة جزاء للفريق الذي يلعب له ميسي، وهذا يفسر كثرة ضربات الجزاء التي يتحصل عليها.
الخلاصة البحثية تقول إن اللاعب ميسي هو (رجل خارق للعادة)، يستطيع توظيف تلك القدرات الخارقة دون الحوجة إلى حركات استعراضية أو تحضيرية كثيرة للمرور بين مدافعي الفريق الخصم أو كما يصفها المصريون فهو (لا يرقص) الذي أمامه، بينما اللاعبون الأذكياء ذوو القدرات البشرية المعتادة من أمثال زين الدين زيدان أو روبيرتو كارلوس أو العبقري رونالدينو ومن قبلهم ماردونا وبيليه فأنهم يلجئون إلى الاستعراض لإرباك الخصم ومن ثم المرور. في المجمل وبصفة شخصية أنا لا أحب أن أشجع (سوبرمان) يلاعب بشر عاديين ولكن ما زلت أعتقد أن ديجو ماردونا لم تنجب (البشرية الطبيعية) بأفضل منه براعة في كرة القدم.
رابط الورقة البحثية :
https://www.researchgate.net/publication/293824139_Can_Lionel_Messi’s_brain_slow_down_time_passing