جاء فى الأخبار أنَّ السُلطات المُختَّصة قد أجلَتْ أنواعاً مختلفة من الحيونات البَريَّة شَمِلَتْ أُسُوداً وطيوراً وغزلاناً وزواحِفَ إلى محمية المأوى بالمملكة الأردنية الهاشمية بمساعدة كبيرة وجهوداً مُقَدَّرَة من منظمة المخالب بعد أن تدهورت حالتها بسبب الحرب ..!! ( ليتنا كُنَّا ضُبُبَّة ) لنحظى بهذا الشرف الرفيع ..!!
الإحسان إلى الحيوان أقَرَّتُه الشرائع الإنسانية التى تستند إلى منظومة القِيَمْ والأخلاق المُستَمدَّة من الأديان السماوية ومن الأعراف المَرعِيَّة ، فليس هنالك من يعمل على إيذاء الحيوانات مُتَعمِّداً إلاَّ للمصالح المشروعة ، بل نَحنُ مأمورون بالإشفاق عليها فإذا قتَلتُم فأحسِنوا القِتلَة وإذا ذبحتُم فأحسِنوا الذِبحة وليُحِدَّ أحدكم شَفرَتُه وليُرِح ذبيحته ، وأن هنالك إمرأة دخَلَتْ النار فى هِرَّة حبستها ، لا أطعمتها ولا تركتها تأكل من خشاش الأرض ..!! بل أن المولى عزَّ وجَّلْ ولحِكمةٍ يعلمها أنزل سوراً كاملة من القرآن الكريم بإسماء بعض الحيوانات والحشرات كالبقرة والأنعام والفيل والنمل والنحل والعنكبوت ..!!
وإذا قارنا هذا الإهتمام المُستحق بالحيوانات من الدولة فى أعلى سلطاتها التنفيذية وبين حال أهل السودان الذين يَحيَون حياةً صعبة ومعيشةً ضنكاً ، ولايجدون مأوى لأجسادهم المُتعَبة المُنهكة ، ولامدَافِنَ لموتاهم يواروا بها سوأة بعضهم إلاَّ غُرف نومهم وفناء منازلهم بعد أن أُهدِرتْ دمائهم وأُريقت فى أقذر حرب عرفتها بلادنا فى تأريخها القديم والحديث على السواء من أقذر ما أنجبتهم البشرية .. يجد أن هنالك خللاً فى ترتيب الأولويات لدى الدولة ، فحقوق الإنسان من الضرورات التى يجب أن تكون لها الأولوية ، وعلى سلطاتنا الرسمية أن تُشفِق على هذا الإنسان السودانى المطحون بين حَجَرِى الرَحَى بين أذى المليشيا وإبتزاز سماسرة التهريب قبل إشفاقها على الحيوانات البرية الذى لا يُنكره أحد ..!! وعلى المجتمع الدولى المنافق الذى سَكَتَ عن المآسى الإنسانية التى تَعَرَّض لها أهل السودان ويعيشونها حتى الآن .. أن يَكُفَّ عن هذا التباكي الكذوب على حال حيواناتنا البرية التى حشد لها الدعم الإنسانى قبل المادى ..!! فكم من مقهورٍ مات من قهره لم يجد من يبكى عليه غير السماء التى بكت عليه قبل أن يضمه القبر إليه ..!!
فيا سادتى يا من ولاَّكُم الله أمرنا إعلموا أنكم مسؤولون أمام الله وأمام هذا الشعب المُبتَلى ، وأعلموا أنه ليس لديكم قداسة شخصية أو عصمة ذاتية تتميزون بها عن مواطنيكم ، بل أنتم بشرٌ تستحقون منَّا الثناء فى معرض الوفاء ، وتستحقون العِقاب حين تستوجب المُساءلة أمام محكمة التأريخ التى لا تُجامِل ولا تتجَمَّل ، فشُهود الأُمَّة يعرِفون حقهم فى الرقابة ويقومون بها دون هوادة ..!! فبلادنا تعيش على أمل أن يكون لها فرحتان .. فرحة الإفاقة من هذه الغفلة السياسية والتخبط الإدارى فى مؤسسات الدولة ، وفرحة النصر بدحر التمرد وسماع زغاريد النصر وميلاد الدولة السودانية من مستشفى الدَّايات .
حفظ الله بلادنا وأهلها من كُل سوء .
الخميس ١٨ ديسمبر ٢٠٢٤م