المقال أدناه كُتِبَ قبل أكثر من عامين .. وسبب تلك الصيحة التى كُنَّا نُطلقها من حينٍ لآخر لسنواتٍ مَضَتْ هو الوعي المأمول فى إنسان هذا البلد الطيِّب الذى يؤمن بالسودان أولاً ..!! وأن الهدف الأكبر و الاستراتيجي الذى ينبغى أن يَعملُ عليه هو حمايته ورعايته والدفاع عنه ، وبِناؤه و تنميته و إزدهاره و عِزَّتِه في عالم لا مكان فيه للضعفاء و القاعدين رغم أنف البعَاتى وشريكه وكفيله المُرابى .. و إن عدم الوعي بتلك المخاطر فى حينها والغفلة عن تحقيق تلك الغايات كانت كلفتهما كبيرة جداً علينا وعلى بلادنا .. فأمننا قد تعَكَّرَ صفوه .. و إستقرارنا المجتمعى والمعيشي تحول إلى الفوضى الهدَّامة ، ودُمِّرَ وطننا وبِنيَته الأساسية بصورة لا تَسُّرَّ صديقاً ولا عدوَّاً حتى .. !!دون أن نعتبر بتجارب الدول الأخرى القريبة و البعيدة مثلاً و مثالاً للعظة والإعتبار ..!!
نسأل الله أن يلطف بِنا وببلادنا وأن تنتهى هذه الحرب اللعينة ويصير أمرنا إلى خير لنُغيِّر من سلوكنا السلبى الذي أسهم فى إضعافها ولم يساهم في بناءها .. فالوطن وطننا جميعاً و هو أمانة في أعناق الجميع و له دَينٌ مُستَحقٌ علينا كافة..
حفِظ الله بلادنا وأهلها من كُلِّ سوء . ————————————-
*الحطب المُبَّلل *
عندما تُصبِح الأوطان مهددة بالفتن و الأخطار يظَّل شبح الخوفِ يُطارِدها، و تفقِدُ قيمتها و معناها فى نفس الإنسان، و لا يُقتصر إنقاذها حينئذٍ على نُخبها و قادتها و زعمائها بل يكون لغمار الناس و من نكراتهم .. فعندما كان الخطر مُحدِقاً و الكارثة و شيكة بمملكة النمل قالت ( نملة ) … !! هكذا جائت بالتنكير ، وكان لقولها على ضعفها و هوانها و قلة حيلتها دوراً إيجابياً فى إنقاذ جنسها ، و لم ينعقد حينها إجتماعاً طارئاً و لا إستثنائياً لمناقشة كيفية مواجهة الكارثة المحدقة فالمقام مقام فعلٍ لا قول فصدر القرار (النَّملى) الحكيم و الشجاع بالدخول إلى المساكن مخافة الهلاك تحت أقدام جيش سيدنا سليمان .. و لو لم تكن تلك النملة تعلم أن لمملكتها خططاً أمنية متكاملة، و أنظمةً للحماية و غُرفاً لإدارة الأزمة لما قامت بواجبها و إتخذت قرارها نيابة عن مجتمعها (النملى) فكتبت على صفحة الواقع بل وفى صفحات التأريخ ما خُلِّدَتْ به .. فكيف لعقلاء بلادى أن يتغيبوا عن الكتابة الصادقة على الصفحات البائسة لواقعنا القبلى و المجتمعى المأزوم..!! فكلمة ٌواحدة يكتبونها على أرض (الواقع) كما فعلت تلك النملة خيرٌ من مئات الكلمات التى يخُطونها على صفحات (المواقع) .
فما يحدث الآن فى غرب دارفور ومن قبل فى أماكن كثيرة ٍنقطة سوداء فى جبين المجتمع السودانى .. فهذا (الفيتو) الذى يستخدمه البعض تجاه البعض الآخر هوالذى يقتل و يدَّمِر المروءة و القيم السودانية الموروثة، و هو الذى يقتل و يدمر كل المشاريع الوطنية الجادة و المسؤولية الآنية والمستقبلية و يحل محلها أحكاماً فاسدة و ديكتاتوريات قبلية ظالمة و صراعاتٍ عبثية مدمرة .. فلئن فشل بعض أهل السودان فى ترجمة خلافاتهم و إختلاف هم حول الرؤى و المشاريع السياسية و الفكرية إلى ممارسات ناضجة و سليمة .. ولئن عجز معظم أهل السودان التعايش فى الفضاء الإفتراضى .. فلم هذه(المَحَقة) من عقلاء بلادى وعجزهم على سياسة الناس ..!! فحتى الراعى الحاذق يُتقن لغة الحِداء ويحفظ أنعامه من السير فى طريق الهلاك ..!! فهذه الأحداث المتتالية وتلك الأحاديث التى تُرسى دعائم العنصرية يجب أن يتنبه إليها الناس جميعاً فمصلحة الوطن فى إستتباب الأمن و الإستقرار .. و أن هيبة الدولة التى نُنشدها جميعاً لا يمكن أن تقوم وترسخ إلاَّ فى ظل فاعلية القانون القادرة على توفير العدالة بوثوق و جرأة .. فلا بد لدولة القانون أن تكون حازمة فى مواجهة كُل من يتجاوز قواعدها المُنظِمة لعملها، و كل من يتجاوز الخطوط الحمراء المتعلقة بأمان وإستقرار و حياة الناس .. و إلاَّ سيكون حريقاً فى حطبٍ لايزال مُبَّللاً لكنه قابل للإشتعال .
نسأل الله أن يحفظ بلادنا وأهلها من كل سوء .