


د. اسامة محمد عبدالرحيم
يظل الصحفي الحق، هو صوت الضمير الجمعي للمجتمع، يخلق لنفسه دور حيوي و اساسي بحثا عن الحقيقة و صياغتها و نقلها للناس بأمانة و موضوعية و تجرد متجاوزا لاى ضغوطات و متحصنا تجاه أي مغريات.
و للصحفي الحق تأثيره الكبير في الحياة الاجتماعية و السياسية تنويرا لهذا المجتمع و مراقبا للسلطة و كاشفا للفساد و صانعا للوعي مما يكسبه قدرة على التأثير على الرأي العام بل و صناعته. و (مزمل) موضع اهتمامنا في هذا المقال، كان كل ذلك و يزيد.
التاريخ الصحفي يوثق لنا ادوار عظيمة قام بها بعض الصحفيين، على سبيل المثال (فضيحة ووتر غيت) في السبعينات كان وراءها( بوب وووارد و كارل برنستين(Bob Woodward & Carl Bernstein) من الصحفيين المشهورين حينها، كذلك (انا بوليتكوفسكايا Anna Politkovskaya) اشتهرت كصحفية استقصائية روسية و هي التي فضحت انتهاكات حقوق الانسان في الشيشان امام سياسات الكرملين القمعية و انتهت حياتها بالاغتيال ثمنا لما قامت به. و كذلك برز الصحفي (ايدا بي ويلز Ida B. Wells) و هو يقود حملاته الصحفية ضد جرائم الاعدام العنصري، و غيرهم كثير، اما فارسنا مزمل فقد كان مزيجا من كل ذلك (فهو رمز صحفي رياضي، سياسي اجتماعي،استقصائي وطني غيور) تجد عظم اثره في كل مكان مما نامى من شعبيته المستحقة و المتلازمة بالمحبة و الموثوقة برباط التقدير و الاحترام من بني وطنه و هي سمة لا تأتى بمحض الصدف او بعابر الحظ، و لكنها تتراكم نتاجا طبيعيا لما بذله الصحفي مزمل من جهد و لما قام به من ادوار في مجتمعنا (من قبل المعركة و اثناءها و لا يزال) تستوجب حمدا و شكرا و ثناءا لصاحبها خاصة ان كان هذا الجهد خالصا لوجه الله و الوطن.
ثم نعرج لنقول عن الفتى..
انه أضحت من المسلمات عند متابعي الاخبار و المعلومة في بلادي ان مزمل عندما يورد خبرا او معلومة ،(فانه دون شك، قد قطع قول خطيب) فهو جهينة زماننا، بل يفوقها دقة و صوابا، و لذلك كان عند متابعيه محل (ان قال مزمل فصدقوه) تماما متعديا (حُزام) نفسها موثوقية و صدقية..
و مزمل هو الصحفي السوداني الابرز في مكافحة الفساد و ضرب معاقله و تدمير بؤره و له عدد من قضايا الرأى العام التي تفرد بها و تمكن من ادواتها و أعيى خصومه بما امتلكه من دقة المعلومة و صحتها و سلامة المستند و قوة الشاهد و وعي المصدر، و كل هذا كان ما تميز به المزمل فاكسبه نصرا في كل صولة و جولة و معركة خاضها مشهرا سيف الرأي العام.
و لان المجد لا يأتي ضربة حظ و انما يبنيه صاحبه بناءا متراصا من طوب الانجاز و العطاء، فمزمل قد بنى مجده و عزه، فهو المؤسس او المشارك في التأسيس لصحف رياضية عدة منها ( المشاهد، الصدى، السوبر) ، و من الصحف السياسية (الاهرام اليوم و اليوم التالي و اخبار العرب الاماراتية) و كذلك (صحيفة الحلوة) الاجتماعية مما يؤكد انه لم يكن يجلس على ناصية الصحافة و الاعلام و انما كان في قلبها صانعا لاحداثها و بانيا لمنصاتها و وسائلها و ادواتها.
و في تأريخ الصحافة السودانية لا تذكر أشهر الأعمدة التي رسخت في وجدان القُراء و متابعي الصحافة ، الا و تذكر اعمدة مزمل (كبد الحقيقة، و للعطر افتضاح) و مزمل نفسه كبد للحقيقة و مزمل ذاته عطر له افتضاح ان عاشرته او ساكنته او جاورته او جالسته او حتى لو مررت امامه بقارع الطريق.
و ان كان من وصف للصحفي مزمل فهو يحيرك و يدهشك وهو تماما و باكتمال الدسم، (الصحفي الرياضي السياسي الوطني الانسان) ، و الانسان هذه هي شفرته و سر لغزه الذي يفسر نجاحه و يشرح سبب علو كعبه و سمو نجمه، فهو قلم الحق الحر دون جدال.
و لعله و في ليل معركة الكرامة التى ابتلانا و أكرمنا بها الله في 15 ابريل من العام 2023،ظل المزمل يقيم الليل كله و حينا نصفه و قد ينقص منه قليلا يزود عن بلاده و شعبه و جيشه دون مهاودة، بفكره و قلمه و لسانه و جواله، و مزينا بطلته البهية لشاشات القنوات الفضائية يصوب الرمي و يحسن الضرب. و هو نفسه من ظل ينقل للعامة البشريات من قلب المعركة سبقا للجميع و مصححا احيانا لبعض الاخبار المضللة او المفبركة، فاصبح مرجعا للشعب السوداني يستيقن به العامة و الخاصة معلوماتهم و يسترشدون به خطواتهم فكان مصفاة للخبر عندما تختلط الاوراق. لقدم قدم مزمل نموذجا حيا و واقعيا لمنصة الرعب بالخبر و التحليل ، يرهب اعداء الشعب و الجيش و الوطن و يفرح بذلك قلوب اهل السودان.
يرهقك مثل مزمل و انت تحاول ان تنظر اليه، فكلما تأتيه من زواية تكتشف انه له زاوية اخرى تستحق التامل و تتطلب السرد جديرة بالاعتبار ، و من هذه الزوايا، ان مزمل لم يطلب منصبا و لا سلطة و لا جاها و لم ينتظر حافزا او مقابلا ، و لم يستقل كذلك علاقة قوية و وطيدة و صادقة تجمعه بالسيد القائد العام و رئيس مجلس السيادة حيث لم تعد هذه العلاقة امرا مخفيا، مما نعده قيمة مضافة لبطانة السلطان و التي بمثل مزمل تتحول مجالس السلطان ايجابا من خانة بطانة السوء الى بطانة الخير ترفد السلطة بالنصح و المشورة الحسنة و جميل الفكر و صحيح المعلومة مما يعينه على جيد القرار و ممتازه خاصة في مثل هذا الظرف و الازمة التي تنتظم البلاد.
في بداية هذا الاسبوع، فاجأ مزمل الجميع بمبادرته (ايد علي ايد) و التي شرفها و رعاها السيد رئيس مجلس السيادة، القائد العام للقوات المسلحة، و الذي لم يفت عليه ان ينسب الفضل لاهله و هو يذكر ان الدكتور مزمل هو صاحب هذه المبادرة و هو من عكف خلف صناعتها و حبكتها حتى خرجت للعلن و هذا لعمري امر عظيم يستحقه مزمل.
و مزمل، الانسان، هو ناشط دعم التكايا سندا للمتأثرين بالحرب و منها، و هو المتفقد لمعسكرات الجيش و لا يألو جهدا في تكملة النقص حين يوجد، و هو المتفقد المتحسس لحال و اوضاع رموز المجتمع و عامة الناس، حتى فك اسر بعض عامة الناس كان للمزمل فيه نصيب، نعم، لقد سخر الرجل كل جهده و علاقاته لدعم المتاثرين بالحرب، ثم هاهو يطور مبادراته و مجاهداته الفردية الشخصية لتفرخ مؤسسة تعنى بهذا الشان تهتم بمعاناة المتأثرين بالحرب من اسر الشهداء و الجرحى و المصابين و خلافهم، حيث يحتشد عند هذه المبادرة لديها كل الجهد الجماعي بالدعم و الفكر و التخطيط و التنفيذ و المتابعة مما يضاعف غلتها و يوسع اثرها في المجتمع المنتظر المحتسب الصابر الذي يعاني، مزمل تكتمل مبادرته و تثمر عملا ضخما من اعمال الخير في المجتمع (مؤسسة و منصة) تضم وزراء و وكلاء وزارات و قادة مجتمع و موظفي دولة و رموز مجتمع عملا خالصا يحسب للصحفي النابه المجتهد الدكتور مزمل ابوالقاسم.
ثم
هو مزمل سيف المريخ البتار
و هو نغمة اهل المريخ المحببة (كمل كمل يا مزمل)
و هو لنباهته و تميزه صاحب كاس المريخ الذي ناله في العام 2018 مقتلعا من بين براثن الند التقليدي الهلال ، و هذا واقع يعكس المامه بالقوانين و اللوائح التي تحكم نشاط كرة القدم محليا و دوليا..
مزمل قلم بمقام وطن و قلم قسيم وسيم في حضرة الوطن.. وكثرة الالقاب دلالة على عظمة المسمى
و هو مداد العز و الفخار.. للسودان و اهله
و هو الشريف ابن الاشراف، سليل البيت المسكون بحب الختمية و الاتحاديين.
و لكن مزمل رغم مريخيته استحال موضعا و قبلة لحب اهل الهلال و مشجعيه و اصبحت قلوبهم و افئدتهم تهوى اليه و كذلك عامة الرياضيين.
و رغم اتحاديته، اصبح محطا لقلوب اهل كل كيانات السياسة و أحزابها.. اللهم الا المصطفين خلف اصنام التأمر و الخيانة و الارتزاق
هذا هو المزمل و اكثر.. لقد اتعبت اهل الصحافة و الاعلام من بعدك يا مزمل.
الثلاثاء 29 ابريل 2025