قراءة في تقارير النزوح الداخلي إلى الولايات السودانية في الفترة من 15 أبريل و حتى 27 يونيو 2023م
د. أحمد عبدالباقي
استند هذا التقرير جزئياً إلى تقارير متخصصة صادرة عن بعض وكالات الأمم المتحدة ومراكز للبحوث، وبشكل أساسي إلى تقارير المنظمة الدولية للهجرة التي يغطي تقريرها الأخير الفترة من 15 أبريل إلى 25 يونيو 2023، وتم نشره في 27 يونيو 2023م. تهدف هذه المساهمة إلى تقديم إحصائيات مختصرة عن الأعمال الحربية وإحصائيات النازحين داخليا بين ولايات السودان المختلفة، وكذلك تسليط الضوء على الآثار المترتبة على النزوح داخليا.
إحصائيات الأعمال الحربية:
حسب رصد المنظمة الدولية للهجرة، فإن الصراع بين قوات الشعب المسلحة ومتمردي الدعم السريع بدأ في الخرطوم والولايات الشمالية، وامتد إلى ولايات كردفان ودارفور، خاصة في مناطق الفاشر، نيالا، زالنجي ومدن الأبيض. وأكثر المناطق التي شهدت ضراوة في القتال هي ولاية الخرطوم والجنينة في غرب دارفور. ووفقًا لتقرير مركز مرصد الصراعات المسلحة وبيانات الأحداث (منظمة غير ربحية تأسست في عام 2014م ومسجلة في أمريكا، والتي يغطي نشاطها جميع دول العالم منذ عام 2022م، وتختص في جمع البيانات وتحليلها ونشرها بشكل أسبوعي)، الذي صدر في يوم 23 يونيو 2023م أن عدد العمليات الحربية بين قوات الشعب المسلحة ومتمردي الدعم السريع منذ 15 أبريل وحتى 16 يونيو 2023م بلغ 600 عملية و65% من هذه العمليات في الخرطوم العاصمة مع اشتداد القتال في دارفور، كذلك دخلت الحركة الشعبية شمال على خط المواجهة بهجومها على جنوب كردفان، وحسب التقرير فإن عدد الضحايا بين المدنيين في جميع أنحاء السودان وصل إلى 2,800 شخص، من بينهم 820 شخصاً في الخرطوم، وأشار التقرير أيضاً إلى زيادة حدة العمليات الحربية بعد تأجيل محادثات جدة في 22 يونيو 2023م.
إحصائيات النزوح الداخلي:
أشار تقرير المنظمة الدولية للهجرة الصادر في 27 يونيو 2023م إلى أن عدد النازحين داخليًا في جميع ولايات السودان (18 ولاية) خلال الفترة من 21 أبريل إلى 25 يونيو 2023م بلغ 2,152,936 شخصًا، من بينهم 431,031 أسرة. ووصل عدد مواقع النزوح لهذه الأعداد (1524) موقعا. والولايات التي استقبلت أكبر نسبة من النازحين هي: الشمالية (16.18%)، نهر النيل (14.18%)، غرب دارفور (13.98%) والنيل الأبيض (11.71%)، جاء معظم النازحين داخليا، الذين يمثلون جزءاً كبيراً من إجمالي عدد النزوح الداخلي، من الولايات التالية:
الخرطوم: (1,435,238 شخصا، ويعادلون 66,66%)
غرب دارفور: (308,855 شخصا، ويعادلون 14,35%)
شمال دارفور: (156,049 شخصا، ويعادلون 7,25%)
جنوب دارفور: (143,650 شخصا، ويعادلون 6,67%)
وسط دارفور: (101,030 شخصا، ويعادلون 4,69%)
شمال كردفان: (7,689 شخصا، ويعادلون: 0,36%)
الجزيرة: (425 شخصا ويعادلون: 0.02%)
تصنيف مآوى النازحين وتحديد أولويات احتياجاتهم:
تشير البيانات إلى أن 60.45% (1,301,524 شخصاً) من النازحين الداخليين اختاروا الانتقال إلى المناطق الحضرية، بينما نزحت 39.55% (851,412 شخصاً) إلى الأرياف. وتوضح البيانات التالية ملخصًا للمآوى المتاحة وأنواعها وأولويات احتياجات النازحين، على نحو:
أ-استقر (1,209,340) شخصًا من نازحي الحضر في مناطق سكنية، و(92,184) شخصًا في معسكرات، بينما اختار (800,867) شخصًا من نازحي الأرياف الاستقرار في مناطق سكنية و(27,576) شخصًا في معسكرات.
ب-استقر النازحون داخل البلاد سواء في المدن أو القرى في ستة أنماط مختلفة، وهي:
استضافة مجتمعية: (333,626) شخصا، مساكن مستأجرة: (40,710) شخصا، معسكرات رسمية: (27,576) شخصا، المدارس ومنشآت عامة أخرى: (16,746) شخصا، مقرات غير رسمية ومفتوحة: (11,361) شخصا، ومقرات غير معدة بصورة جيدة: (1,012) شخصا.
أولويات النازحين داخليا:
تشير التقارير إلى أن أولويات النازحين داخليا تتمثل في توفير الغذاء وتلبية احتياجاتهم غير الغذائية وتأمين الرعاية الصحية، هذا وأفاد برنامج الغذاء العالمي أن حوالي مليون شخص تلقوا مساعدات غذائية في 14 ولاية منذ بداية مايو عام 2023م. بالإضافة إلى ذلك استفاد حوالي 16,000 فرد من الدعم في مجال الزراعة وسبل العيش، يلي ذلك الحاجيات غير الغذائية ثم الرعاية الصحية حيث تتوفر الإمدادات الطبية في مواقع مختلفة بعدة مرافق للرعاية الصحية العاملة في جميع أنحاء البلاد، ويعمل 19 شريكًا في المجال الصحي، ووصلوا إلى 471,000 شخص.
ملاحظات عامة حول النزوح الداخلي إلى الولايات:
1.كشفت التقارير أن المجتمع السوداني ما زال بخير حيث بلغت نسبة الاستضافة المجتمعية 77,40% من الإجمالي الكلي للنازحين، بينما مثلت نسبة الإيجار للمساكن 9,44% والمعسكرات 6,4% والمنشآت العامة 3,89% والمعسكرات غير الرسمية أو المفتوحة 2,64% ومقار إقامة غير مهيئة 0,23%، تشهد نسبة النزوح الداخلي ارتفاعًا مستمرًا، حيث بلغت في 21 أبريل 2023م (69,615) شخصًا، وارتفعت إلى (21,152,946) شخصًا في 27 يونيو 2023م. وفي غضون أسبوع واحد (20-27 يونيو 2023)، بلغ عدد النازحين داخليًا 186,990 شخصًا.
2.أجرت منظمة الهجرة الداخلية استطلاعا حول رغبة الأفراد في العودة إلى مناطقهم الأصلية، وكانت النسبة المسجلة للمشاركين كالتالي:
أ- (810,235) شخصا أي (37.63%) يرغبون في الرجوع إلى ولاياتهم
ب- (699,109) شخصا أي (32.47%) يرغبون في الانتقال إلى موقع ثالث
ج- (640,542) شخصا أي (29.76%) يرغبون في البقاء في موقعهم الحالي
هـ – (3,050) شخصا أي (0.14%) غير متأكدين
3.تحتاج فئات السكان المستقرة في كل ولايات السودان والخرطوم ودارفور بشكل خاص، والتي تعتبر أكثر المناطق تضرراً جراء الحرب إلى اهتمامٍ ورعايةٍ خاصة. فقد أدت هذه الحرب إلى توقف الإنتاج والعمل، وعدم صرف رواتب الموظفين في القطاعين الخاص والعام لما يزيد عن ثلاثة أشهر. يجب التحرك عاجلاً لمعالجة أوضاع السكان في هذه المناطق، حيث يتجاوز عددهم عدد النازحين داخليا وبالتالي لابد من تحرك جاد لمعالجة الأوضاع الإنسانية لأكثر 18 مليون نسمة في حاجة للغذاء كما أبانت إحصائيات الأمم المتحدة الصادرة في شهر يونيو 2023م.
4.رغم ظروف الحرب إلا أنه يجب التركيز على معالجة آثار الخريف ومنحها أهمية قصوى، وفقًا للتقارير الصادرة عن المنظمة الدولية للهجرة ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، وصل عدد المتأثرين بالفيضانات إلى 349,000 شخص خلال الفترة من مايو إلى أكتوبر 2022، حيث تهدمت حوالي 24,859 منزلًا، وتضررت حوالي 48,250 منزلًا آخر. كذلك تأثرت 15 ولاية في السودان بشكل أساسي وهي: وسط دارفور، القضارف، كسلا، جنوب دارفور، النيل الأبيض، ولايات الجزيرة، القضارف، كسلا، سنار، النيل الأبيض، جنوب كردفان ودارفور. كما أن بعض هذه الولايات عرضة للفيضانات؛ بسبب ارتفاع منسوب المياه في النيل الأبيض والنيل الأزرق والأنهار الموسمية والوديان.