حال مليشيا آل دقلو خلال العامين الماضيين كحال الفأر الذى وقع فى برميل نبيذ فأستبدت به النشوة وتَمَلَّكه السُكْرُ فوقف ( وسط الدارة ) متحديّاً وصائحاً أين القطط ..!!؟ فكان هلاكه فى غفلته .. !! .. وكذلك كان آل دقلو حيث إقتادوا أهلهم للذبح فى منحر الزُرُق وعلى أبواب الفاشر التى كان فيها هلاكهم بعد أن أريقَ الوهم الجنيدى من دِنانِهم ومن كؤوسِهم ، وباتت أباريق النشوة الكذوب بالقوة والصولجان فى إطراق من هول الفجيعة ومن مورد الهلاك الذى أوردهم أياه الراعى الجاهل وسقى لهم من طينة الخبال وسقاهم كأس المنيَّة والفناء الأبدى والسقوط من وجدان أهل السودان فأصبحوا فى الغابرين ، وتركوا ما جمعوه من أموالٍ بالباطل وكنزوه بقوة السلاح حطباً للحريق وجثوا على ركبهم للخزى الأبدى .
لقد أثبت أهل السودان أنهم أهل صبر وأنهم شعبٌ لا يموت ولا يُقهر .. فالأرض التى تُنبُتُ الخير وتُخرج العلماء وتُنجب الشهداء لاخوفَ على أهلها من غدر المليشيا بأجنحتها وأذرعها ، و من الهالك وحوارييه وغلمانه ..!! فعزّتهم لم ولن تسقط .. ولم ولن تباع بأى ثمن .. ولن تُرهن بمؤامرة دولة المؤامرات ..!!
وسترفرف راية الكرامة عاليةً فى سماء بلادنا تُداعب نسيم الخلاص من كآبة المنظر المليشى فى ذكرى إستقلال السودان بمشيئة الله بعد الهزائم المزلزلة التى ألحُقَتْ بهم فى الزُرُق وفى غيرها من المواقع التى دنستها أقدامهم النجسة .. فقد ذهب الحمار بأم عمرو فلا رجع الحمار ولا رجعت أم عمرو ..!!
إن هذه الحرب رغم ما خلفته من دمار ومآسٍ إلاَّ أنّ لها حسنات .. فسينتهى بإنتهائها زمن الهدم والتماهى مع فيضان الشعارات المُضَلِّلة ومغازلة عواطف الشباب ، وسيقع الطلاق البائن مع الإنفلات الأمنى وتحدى الدولة والتطاول على سلطات إنفاذ القانون .. وستنفَضَّ حفلة الزار التى عُزِفَ فيها عُودَ الفوضى وقُرِعَ فيها دُفُّ الهياج الثورى ..!! فقد هبَّت رياح الغيرة الوطنية وإرتفع مؤشر التضحية والفداء والروح الإيجابية بين الشباب وطويت صفحة خراب الأوطان إلى الأبد بعد أن قطع الله شأفة المليشيا ووهب الحياة والكرامة بأمره وحُكمه وبقضائه وقدره لأهل السودان الكرماء .
ولكن لابد من وقفة جادة مع هذه الأمارات الإيجابية والباعثة على الطمأنينة وهذه القيم المثلى والروح الوطنية الجارفة التى لم نعهدها من قبل لنسأل أنفسنا : ثُمّ ماذا بعد النصر العظيم ..!!؟ وكيف سنبنى نظامنا السياسى وأجهزتنا التشريعية والتنفيذية ومؤسساتنا الإقتصادية والصحية والتعليمية والأمنية والعسكرية من جديد ..!!؟ فتأجيل الحلول الجذرية قتلٌ لهذه الروح التى نُفِخت فى جسد سوداننا وتدميرٌ للمساهمة الإيجابية فى المشروع الوطنى الشامل الذى إنتظم بلادنا .. وتمكين ضعفاء العقول والمواهب من مفاصل الدولة وخُطام القافلة سيقودنا نحو الضياع إن حدث ذلك لا قَدّر الله .. فبعد كل ذلك الكرب الذى أذاقتنا إياه المليشيا ، وبعد الهَمَّ الذى جَثَى على النفوس الأبية التى صبرت على الأذى وتحملته عامين كاملين .. وبعد أن إشرأبت الأعناق للنصر المبين وإشتاقت للسقيا من مياه النيل العظيم .. هل يا تُرى سنبنى وطناً ليكون حِصناً يحتضن الجميع أم سنكون فى ذات الغفلة وذات السلبية التى كُنَّا عليها ..!!؟ يقينى أن الجميع قد وعى الدرس القاسى تماماً ومن الصفعة المُذِلَّة المُهينة التى أوجعتنا وأدمت قلوبنا ..!! فبلادنا لاتستحق كل هذا التخريب والإفساد وأهلها لا يستحقون هذا التيه والضياع ..
وسنبدع الدنيا الجديدة وفق ما نهوى
ونحمل عبء أن نبني الحياة ونبتكر .
وحفظ الله بلادنا وأهلها من كل سوء .
✍🏼 لواء شرطة (م) :
د . إدريس عبدالله ليمان
الأحد ٢٢ ديسمبر ٢٠٢٤م