ليمانيات / د. إدريس ليمان

فرح كل المواسم ..!!

الحمدلله الذى كشف عنَّا الغُمًَة وأخرج عن بلادنا الأذى .. فهاهى البّشريات تتوالى ، والمليشيا الغادرة تترنح بعد أن ذَلَّت وتصاغرت أمام ضربات الأبطال ، وخضعت رقبتها وإنكسر جبروتها على صخرة صمود الشعب السودانى الذى لم يرتاع قلبه حينما تخلى عنه الأشقاء والأصدقاء .. والذى إلتَّف حول قواته المسلحة متوكلاً على الله ومعتمداً عليه ومستأنساً بقربه .. بعد أن وجد الله عزّ وجل ، ومن وجد الله فماذا فقد ..!!؟ ومن فقد الله فماذا وجد ..!؟؟ فواجه الحرب الفاجرة التى تركت فى كل قرية جُرحٍ نازف وفى كل منزلٍ أرملة ويتيم .. وواجه سيل المليشيا الغادرة وزبدها ، فذهب الزبد جُفاءً وبقى ما ينفع الناس مكوثاً فى الأرض .
وكما أن رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام علمنا كيف نتأدب مع الله عزَّ وجل حال المصيبة والمصاب بأن نُرجِع الأمر لمن له الأمر من قبل ومن بعد .. فقد علَّمنا الأدب أيضاً حين النصر على الأعداء ، فقد كان عليه الصلاة والسلام يستقبل النصر فى تواضعٍ وإنكسار أمام رب العزّة والجلال .. والمُتتبع للضجة الكبرى فى مواقع التواصل الإجتماعى بعد وقوع المتمرد كيكل يجد المبالغة فى الإفتخار بهذا الأمر رغم أن الموقف العملياتى لايزال مُلتهباً ، وأن هذا النصر العظيم الذى تحقق بالأمس ليس خاتمة المطاف للتمرد الذى لم يتبقى له إلاّ الضربة الفنية القاضية .. فكل المطلوب من المشفقين على حال بلادنا هو الحكمة والتأدب بأدب القرآن الذى عاتب من يتسرعون فى إذاعة حالة الخوف والأمن معاً كما جاء فى قوله سبحانه وتعالى : ( وإذا جاءهم أمرٌ من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وأولى الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ) .
والأمر الآخر الذى يجب الإنتباه إليه وعدم إغفاله هو أن حرب الكرامة قد أظهرت معدن المقاتل السودانى الحقيقى وهو يواجه الموت فى كل حينٍ وآن .. وأسقطت أيضاً كُل الأقنعة التى كان يتوارى خلفها الإنسان السودانى لتظهر على السطح كل عيوبنا التى كُنّا نتستر عليها .. كما أنها أفرزت مسارات جديدة من التجارب الإنسانية عميقة الثراء التى تستحق توثيقاً ضخماً ، فالذى حدث لم يكن أمراً هيناً بل هو حدثٌ عظيم يستوجب أن يُوَّثَقْ له ويُخَلَّد فى ذاكرة الأجيال للعبرة والإعتبار .. ويقينى أنّ مُبدِعى بلادى سيُسَّطرون أدباً سودانياً خالصاً مستوحى من يوميات الحرب ومعركة الكرامة ( قصةً وروايةً وشعراً ومسرحاً وتشكيلاً .. !! ) .
نصر الله قواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية .. وحفظ الله بلادنا وأهلها من كل سوء .

الإثنين ٢١ أكتوبر ٢٠٢٤م

تعليق واحد

اترك رد

error: Content is protected !!