د. يوسف العميري
وسط ترحيب عربي باستئناف العلاقات السعودية الإيرانية، وبحسب بيان ثلاثي، جرى أخيرا اتفاق بمبادرة من الرئيس الصيني لتطوير علاقات حسن الجوار بين الرياض وطهران.. وهو الأمر الذي تابعته بكل اهتمام، فما أحوج عالمنا الآن إلى نبذ الخلافات خصوصا بين الأشقاء في العالم الإسلامي ومنطقة الخليج العربي.
وما يبرز أهمية مثل هذا الاتفاق بين قوتين إسلاميتين كبيرتين، هو ترحيب عديد الدول العربية باستئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، كخطوة مهمة باتجاه الاستقرار والسلام في المنطقة.
ومن المعلوم أن العلاقات بين السعودية وإيران انقطعت في العام 2016، عندما هاجم محتجّون إيرانيون البعثات الدبلوماسية السعودية في بلدهم، على خلفية إعدام نمر النمر.
وهنا أود التنويه بدور الكويت في هذا الشأن، فكما سارعت الكويت بتخفيض تمثيل بعثتها الدبلوماسية لدى طهران تضامنا مع الشقيقة السعودية، كانت الكويت هي الدولة الخليجية الأولى التي تعيد العلاقات الدبلوماسية في أغسطس الماضي كخطوة تمهيدية لرأب الصدع بين إيران ودول الجوار.. وهو ما يعكس رجاحة القيادة وحكمتها في استشراف مستقبل المنطقة.
فيما أظهرت دول الخليج سابقا رغبة حقيقة في تعزيز العلاقات الاقتصادية مع إيران، حيث أعلن مجلس التعاون أن تعزيز الحوار الإقليمي والعودة إلى الاتفاق من شأنه السماح بمزيد من الشراكات الإقليمية والتبادل الاقتصادي.
بل وأكد الاتحاد على أهمية تهدئة التوترات في المنطقة وبين الولايات المتحدة وإيران، وذلك من أجل تحقيق المكاسب السياسية والعسكرية والاقتصادية استغلالاً للظروف السيئة التي يشهدها العالم، ومنها الحرب الأوكرانية.
وشخصيا أرى دائما أن التواصل الإيجابي والحوار من شأنه ترسيخ مفاهيم حسن الجوار والانطلاق من أرضية مشتركة لبناء مستقبل أكثر استقراراً للجميع، ومن ثم تعزيز الوضع الاقتصادي والأمني بما يخدم صالح الجميع.
وهو الأمر الذي أكدته دول عربية عدة كما ذكرت سلفا، كما في حديث المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات، الذي رحب بالاتفاق على استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وكذلك الشقيقة مصر التي أعلنت أنها تتابع باهتمام الاتفاق الذي تم الإعلان عنه باستئناف العلاقات الدبلوماسية بين المملكة العربية والجمهورية الإسلامية، معربة عن تطلعها لأن يسهم الاتفاق في تخفيف حدة التوتر في المنطقة، وأن يعزز من دعائم الاستقرار والحفاظ على مقدرات الأمن القومي العربي، وتطلعات شعوب المنطقة في الرخاء والتنمية والاستقرار.
وكذلك رحبت وزارة الخارجية العراقية بالاتفاق، الذي ترى فيه فرصة لتبدأ بموجبه صفحة جديدة من العلاقات الدبلوماسية بين البلدين الجارين، أما سلطنة عمان فأشادت بتفعيل اتفاقية التعاون الأمني بين البلدين والاتفاقية العامة للتعاون في مجال الاقتصاد والتجارة والاستثمار والتقنية والعلوم والثقافة والرياضة والشباب.
وفي الصدد ذاته دعت وزارة الخارجية اللبنانية إلى الاستفادة من هذه الفرصة من أجل الخوض في حوار عربي-إيراني على قاعدة احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية وأفضل علاقات حسن الجوار.
يا سادة، في ظل هذه الظروف العصيبة التي يمر بها العالم، من شرقه إلى غربه ومن جنوبه إلى شماله، ليس أمامنا إلا تفعيل «إنسانيتنا» ونبذ خلافاتنا من أجل صالح البشرية، التي باتت تواجه تحديات تتعلق بوجودها.
فهيا بنا جميعا نفتح صفحة جديدة، نعيد فيها حساباتنا على أساس التعايش المشترك، فلقد خلقنا الله شعوبا وقبائل لنتعارف ونتعاون لا لنتنافر ونختلف.. وإن كان فليكن اختلافا لا خلافا.