صدر اليوم البيان الختامي لقمة رؤساء الإيغاد،
هناك ثلاث نقاط وردت في البيان أراها إيجابية، وهي بالمناسبة ليست جديدة، وثلاث نقاط أخرى أراها سلبية سآتي لها في ختام هذا التعليق.
أما النقاط الإيجابية فأولاها إلتزام رئيس مجلس السيادة بوقف إطلاق النار فور التزام القوات المتمردة بما جاء في إعلان جدة الموقع في الحادي عشر من مايو الماضي، هذا الإلتزام أعلنه رئيس مجلس السيادة من منبر الأمم المتحدة في نيويورك سبتمبر الماضي، وفي لقاءاته الإعلامية التي أجراها على هامش اجتماعات الجمعية العامة، وفي القمة السعودية الأفريقية، فهو ليس جديداً وليس إلتزاماً من غير مترتبات يجب أن يلتزم بها المتمردون.
والثانية هي عدم ممانعة رئيس مجلس السيادة من إجراء لقاء مباشر مع قائد المليشيا في حال رتبت وساطة الإيغاد ذلك، وهذا أيضاً مما سبق وأن أعلن رئيس مجلس السيادة موافقته عليه في مقابلة تلفزيونية مشهودة، وإن حدث أراه أمراً جيداً لأنه سيثبت أول ما يثبت أن قائد المليشيا يتحمل المسؤولية المباشرة عن كل الفظائع التي ارتكبتها قواته في حق السودانيين في ولايات دارفور وكردفان والخرطوم منذ تمردها في الخامس عشر من أبريل الماضي .
النقطة الثالثة، والأهم في تقديري، هي التزام الإيغاد، ومن خلفها الإتحاد الأفريقي، برعاية وتسهيل حوار سوداني – سوداني لا يستثني أحداً للوصول إلى إتفاق شامل يحدد بموجبه السودانيون مستقبل الإنتقال الديمقراطي في بلدهم، وإن نجحت الإيغاد والإتحاد الأفريقي في هذا وحده لكفاهما، فالشأنين العسكري والإنساني سيبقيان في منبر جدة، ومن المقرر أن تدعم الإيغاد والإتحاد الأفريقي والمجتمع الدولي جهود الوساطة في منبر جدة حتى يلتزم المتمردون بما سبق وأن وقعوا عليه.
أما النقاط السالبة في بيان قمة الإيغاد فأولاها حديث البيان عن إجراء محادثة تلفونية مع قائد القوات المتمردة، ولا شك أن هذا يشكل سابقة في تاريخ المنظمة لم تحدث حتى عندما نشبت المشكلة بين الرئيس سلفا كير ونائبه الدكتور رياك مشار، ولعل البعض يذكرون كيف أن الإيغاد والإتحاد الأفريقي ضربا عزلة كاملة على الدكتور مشار لم يتم فكها إلا بعد أن تولى الرئيس البشير ملف الوساطة في جنوب السودان بنفسه، وأمكنه إحداث الاختراق وحل المشكلة.
والثانية هي تحول قمة الرؤساء إلى لجنة وساطة، تباشر الإستماع إلى ما أسمته طرفي الأزمة وآخرين من خارج القارة، وتحشر نتائج ما استمعت إليه في البيان الختامي للقمة، ولعمري فإن هذا تهافت ما بعده تهافت، وسلوك لا يليق بمثل هذه المنظمة.
لقد كان بوسع القمة أن تكلف الآلية الرباعية أو غيرها بإجراء إتصالات مع “الطرفين” وأن يتولى رئيس القمة – رئيس الدورة الحالية فحص نتائج تلك الإتصالات مع مَن تمّ تكليفهم، ومن ثم يمكن أن يصدر بيان بذلك، أما أن تتحول القمة كلها إلى مقهى مشاهدة فذلك ما شكل سابقة سيكون لها ما بعدها!!
أما النقطة الثالثة، وربما تكون الأخطر، هي استعجال البيان الختامي في تكليف السكرتير التنفيذي لإحالة البيان إلى كل من مجلس السلم والأمن الأفريقي ومجلس الأمن الدولي، وهذا أمر يثير الريبة والشك، كونه كان يمكن أن يتم بشكل روتيني ولا يحتاج إلى أن يتم تضمينه في بيان القمة.
أما وقد حدث ما حدث، فإني أرى أنه على السيد رئيس مجلس السيادة أن يكلف – وبشكل عاجل – أحد أعضاء المجلس بأن يترأس لجنة طارئة للتعامل مع ملف الإيغاد، ومتابعة مستجداته، حتى نتجاوز المطبات التي حُشرنا فيها عن إهمال إو غفلة، وليكن ذلك العضو هو الفريق أول كباشي المشرف على وزارة الخارجية أو الفريق إبراهيم جابر، الذي يرأس اللجنة الوطنية للتعامل مع الأمم المتحدة.