الخرطوم : الرواية الأولى
بث البيان الصحفي الذي أصدره مجلس السيادة الإنتقالي يوم امس الأمل بقرب إنتهاء الأزمة السياسية الراهنة المتمثلة في وضع خارطة طريق اكمال الفترة الإنتقالية وصولاً الي مرحلة الإنتخابات والشرعية الدستورية المتنازع عليها بين الموقعين علي الإتفاق الإطاري وغير الموقعين عليه .
حيث أكد بيان السيادي بالأمس في فقرته الأخيرة علي الآتي :
( وبعد نقاش مستفيض، وبروح وطنية عالية، واضعين مصلحة البلاد ونجاح الفترة الإنتقالية والتحول الديمقراطي.
تم الإتفاق على الصيغة النهائية للإعلان السياسي.
وسوف يجري الترتيب لإجراءات التوقيع عليه بالسرعة المطلوبة. )
ورغم ردود الأفعال الإعلامية والتحليلات السياسية ، وتنافس المواقع الإسفيرية في نقل المعلومات المؤكدة وغير المؤكدة الا إن هناك بعض التساؤلات ظلت عالقة وتنتظر إجابات اولية حتي تدعم شعور الأمل الذي بثه بيان السيادي بالأمس .
أولي هذه الأسئلة متعلقة بآلية اختيار رئيس الوزراء للفترة الإنتقالية وعلي اي صيغة تم التوافق ؟
حتي قبيل الإجتماع الذي قيل انه ضم اطراف من موقعي الاطاري واطراف من الكتلة المتوافقة علي مخرجات ورشة الحوار السوداني السوداني بالقاهرة مع رئيس مجلس السيادة ونائبه كانت الصيغتان اللتان تعالجان آلية اختيار رئيس الوزراء الواردتان في كل من ( مسودة الإعلان السياسي ) للموقعين علي الإطاري ، و ( إعلان التوافق السياسي ) الذي وقعته القوي المتحاورة بالقاهرة كالآتي :
• جاءت صيغة (الإطاري ) في الفقرة (4) تقول : ( تقوم قوي الثورة الموقعة على هذا الإعلان السياسي بالتشاور باختيار رئيس /ة الوزراء الانتقالي وذلك وفقا لمعايير الكفاءة الوطنية والالتزام بالثورة والإعلان السياسي و مهام قضايا الانتقال )
. وجاءت صيغة ( اعلان التوافق السياسي ) للمتحاورين في ورشة القاهرة في الفقرة (14) تقول : ( يؤكد المشاركون مناهضتهم لسعي أي مجموعة أو تيارات حزبية أو سياسية التقرير أحادياً في تحديد إدارة شأن الدولة خلال الانتقال أو محاولات الانفراد بالحكم و إقصاء الآخرين ومصادرة حقهم في العملية السياسية من خلال توسيع دائرة المشاركة ).
ثاني هذه الأسئلة متعلق بالأطراف التي يحق لها التوقيع علي الإعلان السياسي الجديد .. فقد ظلت مجموعة الإطاري في الآونة الأخيرة تنادي فقط بدعوة حركتي العدل والمساواة برئاسة جبريل ابراهيم وجيش تحرير السودان برئاسة مني اركو مناوي ، ولكن تلاحظ في الإجتماع المشار اليه في بيان السيادي وجود تمثيل للحزب الإتحادي الديمقراطي الأصل الذي مثله السيد محمد الميرغني والذي كان يُرفض وجوده من قبل من قِبل مجموعة الاطاري في التفاهمات .
ثم زاد الحديث مؤخراً عن ان الذي يحول بين توقيع بعض قادة التنظيمات المنضوية تحت الكتلة الديمقراطية علي الإتفاق أمثال مبارك أردول وإسماعيل خميس جلاب وعلي عسكوري هو التأثير الشخصي لياسر عرمان وعزي ذلك لخلافات تنظيمية وسياسية سابقة بين عرمان وهذه القيادات ، بعد إنتفاء إدعاء دعم الجيش في إجراءات 25 اكتوبر 2021م بوجود جبريل ومني المتهمين ايضاً من قبلهم بدعم 25 اكتوبر .. فهل يرهن توقيع هؤلاء القادة برضي عرمان في أمر يهم استقرار البلاد وإنطلاق الفترة الإنتقالية ؟؟
ثالث هذه الأسئلة متعلق بالقيد الزمني لإتمام عملية التوافق التي أشار إليها بيان السيادي بالامس ،، فمعلوم ان اي عملية ساسية مفتوحة التوقيت تكون عرضة للتأثيرات والتقلبات – ومن هنا يأتي السؤال الفرعي ماهي الأسباب التي تجعل الفترة تطول بين بيان السيادي بالأمس والتوقيع علي الإتفاق السياسي الجديد ؟ هل هي متعلقة بترتيب اوضاع الكتلة الديمقراطية وحليفاتها من قوي الحوار السوداني بالقاهرة ؟ – وفي هذه يظهر للعيان ان القوي المتحاورة بالقاهرة خرجت من الورشة وهي اكثر قوة وتمسكا بمخرجات ورشة القاهرة –
ام هي متعلقة بمجموعة الإطاري التي تحتاج الآن لإعادة هندسة خطابها السياسي بعد ان رفعت من سقوفاتها في الفترة الماضية بعدم ما اسمته بالإغراق مقابل دخول اطراف اخري مؤثرة في العملية السياسية ، وإعلانها ان الاتفاق الاطاري هو اساس العملية السياسية والان تمضي للتوقيع علي إعلان سياسي جديد ، والأهم من ذلك فقدانها للإنفراد بتعين رئيس الوزراء الذي بالطبع سيكون ناسفاً لكل العملية السياسية في حالة تمسكها به .