
خالد محمد علي
صمت العرب مبكرًا على ضياع وطن بحجم السودان، كان ينتظره الجميع سلة للغذاء، وكانت تتساقط عليه أموال الخليج طمعًا في أرضه وموانئه، وزرعه، وكل ثرواته تحت الأرض وفوق الأرض.
وعندما أعلن ممثلو الاستعمار الجديد في ديسمبر 2018، بداية تنفيذ خطة إجرامية محكمة لتفكيك السودان، وتشتيت شعبه، وإعادت استعماره واسطة المرتزقة، وإسقاط نظامه في السادس من أبريل 2019، تسابقت نفس الوجوه والسيقان نحو تأييد الوافد الجديد دعمًا لتفتيت البلاد، وقطع رؤوس حكامه، وقادة جيشه، واستخباراته، وخبراءه في الاقتصاد، والهندسة، والعلوم، وتشكلت لجنة على غرار لجنة اجتثاث البعث التي شكلها الاستعمار الأمريكي بعد احتلال العراق عام 2003، وسحقت شعبنا هناك، والذي لم تقم له قائمة حتى الآن.
وفي السودان شكلوا لجنة إزالة التمكين، واعتقلوا بها الناس وصادروا أموالهم بلا محاكمة، وطاردوا الأسر أطفالا ونساءً بشكل هستيري، وبدأوا في تفكيك الجيش والاستخبارات بحجة إعادة الهيكلة والإصلاح، وجلبوا لجنة استعمارية بطلب من رجلهم المنصب على رأس الحكومة عبدالله حمدوك، أطلقوا عليها بعثة السلام والديمقراطية الدولية، وصنعوا من الشواذ واللصوص والعملاء تيارًا وحكامًا وأسيادًا جدد للسودان.
كان سفراء الاستعمار الجديد يقودون المظاهرات في ميادين السودان صباحًا، ويستضيفون رموز الثورة الجديدة في بيوتهم ومعامل استخباراتهم مساء، وكانت الخطط توضع متنوعة، ومتعددة، لتفكيك واستعمار هذا البلد الذي حسبوه هينًا، فسرقت أموالا عربية كثيرة لتنفيذ خطط الاستعمار الجديد، وبالطبع كان لابد من رفع شعار وهتاف يسير خلفه الحلف الاستعماري الجديد من عرب وعجم قتلة وعملاء لصوص وشواذ، وهو شعار القضاء على الإسلاميين في السودان.
جاءوا إلينا يعلموننا التدين السليم ومن هم خطر على السودان من أهله، ومن يجب أن نقضي عليهم، وتناغمت غالبية وسائل الإعلام العربية مع تصريحات الفاعلين في وطننا العربي تحت الهتاف والشعار، وعندما أيقن قادة عصابة الاستعمار الجديد أن هذه الأمة غارقة في جهلها، وفي تبعيتها، قرر أن هذه هي اللحظة المناسبة لتنفيذ مشروعه الاستعماري الشامل في تفتيت جميع الدول العربية، وإعادة استعمارها بعد إذلالها واحتقارها أمام كل شعوب ودول العالم.
بالطبع لا يمكن أن ننسى أن أمريكا خطفت الصومال عام 1992 من الخارطة الدولية، فقبلنا، وقضت على العراق في عام 2003، وشاركنا معها، ودنس اليهود المسجد الأقصى وأقاموا المستوطنات وقتلوا الشباب والشيخ وحاصروا أبناء غزة، وصمتنا، ومارسوا أكبر عمليات البلطجة والإجرام والاستهانة في شعب السودان، وشارك الجزء البعض منا بالتمويل، والبعض الآخر بالصمت، وأبادوا شعب كامل في غزة ومارسوا عليه كل أنواع الأمراض النفسية والجنون الحيواني والوحشي، ومصمصنا الشفاة، والآن يستعدون لاحتلال دمشق وسوف يقول لسان حالنا العربي أننا في أمن لأنهم لم يقتربوا من عواصمنا أو مدننا ولكننا حتمًا سنفيق بعد فوات الأوان عندما تصبح كل عواصم العرب مدنًا يهودية.