من الملاحظات الجديرة بالاهتمام شيوع شيطنة القرارات أو المراسيم أو الأوامر التي تصدر عن السلطات الحكومية على مستوى المركز أو الولايات.
أغلب القرارات أو المراسيم أو الأوامر الصادرة هي من أعمال الحكومة المعتادة Buisness as usual لكن الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي يقومون بتصويرها تصويراً شيطانياً وينظرون لها نظرات الريبة والتشكك، وينسجون حولها حكاوى وأساطير تحيلها لمؤامرات قاسية ضد الجماهير الصابرة.
على سبيل المثال أصدرت وزارة التخطيط العمراني بولاية الخرطوم اعلاناً طلبت فيه من المواطنين الحائزين على أراضي سكنية بشهادات بحث البدء في تشييد هذه الأراضي، خلال ستة أشهر، والا يتم نزعها، وهذا تطبيقاً لعقد الايجارة الموقع ما بين الوزارة والمواطن.
طفق البعض يتحدثون حول ان هذا القرار سياسي، مقصود به نزع الأراضي من المواطنين ومنحها لآخرين ، وأنه تنفيذ لقرار قائد قوات الدعم السريع بإنشاء مفوضية لاراضي الدعم السريع! وأنه محاولة للابتزاز ومصادرة الحقوق بإسم القانون، وأن الدولة الفاشلة التي نعيش تحت ظلها تحاول إنعاش خزينتها بوسائل أقرب إلى البلطجة.
يا الله، كل هذه التخريمات تنسج حول هذا القرار الإداري البسيط؟ لم يستصحب من ألّفوا هذه التخريمات والشيطنة ان هناك الآلاف ممن حازوا أراض بنظام الحكر ولم يشيدوها رغم استطاعتهم، وبهذا هم يجمدون أصول مالية تفيد حركتها في تحريك جمود الاقتصاد، فليس كل صاحب شهادة بحث بنظام الحكر هو من الفقراء. ان المقتدرين يحتفظون بالارض خالية كمخزن للقيمة، وللمتاجرة بها متى ارتفع سعرها، هؤلاء هم المقصودون بهذا الإعلان.
أما بالنسبة لحائزي شهادات البحث من المواطنين الذين لا يستطيعون تشييد سور، فيمكنهم قبل انقضاء الستة أشهر التقدم لمدير الأراضي لامهالهم، وحتى لو صدر قرار النزع فبامكانهم استئنافه للوزير، ومن بعده للوالي، وفي حالة عدم الاستجابة لطلباتهم يمكنهم رفع دعوى امام القضاء الإداري.
في حال تطبيق قرار النزع سيكون امام القضاء الإداري حالتين: حالة المقتدر مالياً وسوف يرفض القضاء دعواه، وتنزع منه الأرض التي لم يشيدها. وحالة غير المقتدر وسوف يلزم القضاء جهة الإدارة إمهاله.
ان شيطنة قرارات الإدارة سوف تفقد المواطنين الثقة في السلطة العامة، والولاء للوطن، وينجم عن هذا آثار خطيرة على التماسك الاجتماعي، بما قد يؤدي لتفتت البلاد. حفظ الله بلادنا وشعبنا، وكل عام وانتم بخير.