بخاري بشير
من البديهيات التي يعلمها الجميع أن حجم الجالية السودانية بالقاهرة هو الأكبر بين الجاليات في دول الاقليم، بل والعالم أجمع.. وظل عدد السودانيين بجمهورية مصر الشقيقة يتزايد بحكم العلاقات بين البلدين وبحكم الخدمات الكثيرة التي يتلقاها السودانيون هنا، وكان في غالبها الخدمات التعليمية التي يتلقاها أبناءنا السودانيين في مصر، وتنامي عدد الطلاب المقبولين في الجامعات المصرية، و تزايد عدد المدارس السودانية المضطرد .. حتي بلغ عدد السودانيين في مصر رقم يتجاوز ال ٤ ملايين فرد، ثم تزايد بعد ١٥ ابريل بشكل لافت، بعد أن فتحت مصر أبوابها للسودانيين، وكانت هي الدولة الأقرب لوجدانهم، والاقرب من حيث المسافة.
هموم الجالية السودانية بالقاهرة، هي هموم متزايدة، للذين ظلوا موجودين، وبالنسبة للوافدين الجدد الذين تدفقوا الي مصر بعد الحرب.. ثم كانت السفارة السودانية هي الملاذ لكل هذه الملايين ، وتضاعفت فيها الجهود المقدمة لطالبي الخدمة، خاصة بعد الحرب وتحولت العديد من الخدمات للسفارة.. وأصبحت السفارة هي سودان آخر يقصدها طالبي الخدمة من كل مكان، و كانت السفارة حلقة وصل بين السودانيين في بلاد الاغتراب وبين أبنائهم وأسرهم.. وبهذه العلاقة ظلت السفارة السودانية في القاهرة ذات خصوصية اضافية، يجب أن يشعر بها كامل طاقم السفارة من القمة ممثلة في السفير ثم دبلوماسييها نزولا لآخر موظفيها في سلم الأداء.
في ظل هذه الظروف الضاغطة والاستثنائية عجمت القيادة السودانية ووزارة الخارجية كنانتها، فاختارت السفير محمد عبدالله التوم، قائما بأعمال سفارة السودان بالقاهرة، وجاء التوم قادما من سفارة السودان في عاصمة الضباب، لكن ما إن مكث فترة قصيرة كقائم بأعمال حتي عادت السفارة لاوج توهجها شعلة سودانية مضيئة في زمان تكاثفت علينا فيه خيوط الظلام.
ربطت السفارة بين كل السودانيين من أبناء الجالية بسيستم خدمات مميز يقوم عليه اركان سلم السفارة بكل اريحية، وصارت قبلة لطالبي الخدمات التعليمية والصحية والجوازات، إضافة للخدمات الثقافية والاجتماعية.. ولم يقلل من جمال هذه الصورة الا (مكاتب السفارة) الضيقة، التي لا تمنح الفرصة الكافية لتقديم الخدمات.. وقد أخبرني سعادة السفير محمد عبدالله التوم أن أحد همومه الأساسية هو نقل السفارة لموقع آخر فسيح، وقد قطعوا في ذلك شوطا كبيرا، وصار في دائرة الممكن القريب، كما أكد لي سعادة السفير أن السفارة الآن تبذل جهودا جبارة لإدخال كل الخدمات الي دائرة الفعل الالكتروني، ومتوقع خلال ايام دخول معظم الخدمات الكترونيا، حيث يعكف تيم فني بخبرات تقانية عالية لإكمال هذا المشروع الذي تبقت منه فقط مرحلة التدشين والانطلاق.
السفير محمد عبدالله التوم، استطاع في فترة وجيزة مع اركان سلمه من العاملين بالسفارة أن ينال ثقة ورضا جمهور عريض، ساقته قدماه لخدمة ما في اضابير السفارة.. كما استطاع بخطوات وئيدة أن يخلق نشاطا كبيرا كان بيت السودان أحد ركائزه المهمة، وأصبحت السفارة حلقة الوصل بين الوزارات السودانية المختلفة التي تأثرت بالحرب وبين أدائها لدورها، وتحولت السفارة في وقت وجيز الي بورتسودان أخري، انتقلت إليها معظم الخدمات التي ينالها المواطن في السودان، وحتي الأطباء أدوا قسم ابقراط ولوجا الي مهنة الطب عن طريق السفارة وفي وجود قيادات وزارة الصحة والمجلس الطبي.
القاهرة كمحطة دبلوماسية، تعتبر من المحطات الكبيرة لما تتميز به من أنها مقر لعدد من المنظمات الدولية والعربية علي رأسها جامعة الدول العربية، وباعتبارها عاصمة الإعلام الاولي في الوطن العربي، تحتاج ان تكون سفارتنا فيها من أكبر السفارات في المنطقة، وما قدمه السفير محمد عبدالله يجعله الاقوي تأثيرا من غيره وليكون في قمة هذا العمل الدبلوماسي الكبير والمهم، في أصعب الظروف والمنعطفات التي تمر بها بلادنا.