د.إبراهيم الصديق
(1)
على عكس مما ذهب إليه الغالبية في تأويل وتنفيد خطاب حمدوك وبعض الوزراء واعضاء في السيادي للأمين العام للأمم المتحدة حول مشاركة البرهان ، فإن الأمر في رأى أخطر من ذلك بكثير ، ولا يمكن القول أن د.حمدوك وآخرين يجهلون قواعد ومعايير المشاركة في المنابر الاممية أو أنهم أستيقظوا بعد عامين لإكتشاف ان البرهان إنقلابي ، وانما الجديد أحد أمرين:
- أما ان قوى الحرية والتغيير المجلس المركزى (ومن ورائهم) ماضون في تأسيس منصة سياسية لمنافسة ومناهضة الوضع السياسي الراهن وذلك من خلال صناعة بديل وإحياء فكرة الحكومة الشرعية ، وهذا راجح من قناعات قوى الحرية والتغيير قحت التى برزت بعد تسريباتهم عن نية البرهان تشكيل حكومة مستقلة واجراء تعديلات وزارية ، وتذكرون حجم ووتيرة الإنزعاج المفتعل لإمكانية قيام حميدتي تشكيل حكومة وتحذيرهم من ذلك ، وعليه هذا الخطاب جاء على ذات الوتيرة للتذكير بخيال مآته وعلى ذات نسق التفكير في المنطقة ونموذج ليبيا واليمن.. من خلال تقسيم الحكم..
- أما الإفتراض الثاني ، فهو قناعة وصلت إلى قحت (ومن ورائهم) ، بأن خيار الوصول للحكم من خلال البندقية قد سقط ومن الضرورى بناء غطاء سياسي ومسار جديد بعيدا عن مليشيا الدعم السريع ، مع أن الخطاب في طياته جاء دعما للقوات المتمردة ، وجعل منها طرفا في المعادلة السياسية..
وربما أكثر من ذلك ، أن الهدف لتحقيق الافتراضين..
(2)
افرزت السنوات الأخيرة في بلادنا ثلاث ظواهر محزنة:
اولها:سقوط كل معايير الاخلاقية والوطنية ، والبحث عن المظان السياسية بكل السبل ، وخير شاهد اسناد قحت لتمرد الدعم السريع رغم كل الفظائع والجرائم ووقوفهم في صفه ، بحثا عن عرش مفقود..
وثانيها: حجم التدخل الاجنبي مع عمالة وخيانة وطنية مشهودة وبلا حياء ، والاجندة الأجنبية وتجارة الحروب اصبحت سلعة رائجة ، لا يمكن أن ترضى بالهزيمة والقماح ، فهم في حالة لهث دائم ، كلما عظمت خسائرهم زاد حنقهم
وثالثهما : لهث مجنون وتعلق مفتون بالسلطة دون مؤهلات ودون شرعية ودون كفاءة وخبرة ، لقد كانت السنوات الماضية وبالا على كل القيم السودانية في أمر الحكم والشأن العام والقضاء والاعلام وافرزت اكثر مخزونات القاع قبحا ، ولذلك فإن كل شيء متوقع..
(3)
ولهذا ومن هذه الزاوية ، فإن خطاب حمدوك هو أمتداد لخط مرسوم ، وهو أخطر من مجرد خطرفات بائسة ، مع معرفتنا بإن حمدوك ومن معه مجرد بيدق في مسرح كبير
، فيجب النظر والحذر من المنزلق الذي تقودنا إليه مغامرات هذه الفئة ، وقد فقدت كل رشدها ، وكل قوامها السياسي الواعي و سندها الشعبي ، والمعالجة الحاسمة ضرورية في مواجهة مخطط لئيم وخطير لتفتيت بلادنا دون ان يطرف له جفن ، ومن الضروري اننا بحاجة اكثر من إشارة وتلميح لقوى إقليمية ومنظمات ودول تدعم هذا التوجه ، لابد من حديث صريح وقول جهير ومواقف مشهودة فلم يعد في كأس الصبر ما يرشف لبل الريق.. اللهم قد بلغت فأشهد..