كلام صريح / سمية سيد

رحلة البرهان ..نقاط النجاح والإخفاق

سمية سيد



زيارة الفريق أول عبد الفتاح البرهان إلى لندن للمشاركة في عزاء الملكة اليزابث الثانية، ثم إلى نيويورك للاجتماع الدوري للجمعية العامة للأمم المتحدة استحوذت على اهتمام الرأي العام، وأصبحت الأكثر تداولاً وتحليلاً من أخبار كوارث السيول والأمطار والفيضانات التي ضربت البلاد وأحدثت خسائر في الأرواح ما يقارب (150) شخصاً بخلاف الخسائر الأخرى.
لولا وضع السودان السياسي الاستثنائي بعدم وجود حكومة، مع اختلاف الموقف تجاه البرهان من قبل القوى السياسية الداخلية والعالم الخارجي، لما سمع أحد بالسفر للندن في موضوع اجتماعي، ولا لاجتماعات نيويورك العادية، طالما أن السودان دولة عضو وتدفع اشتراكاتها بشكل طبيعي .
اختلف المحللون السياسيون حول نتائج الزيارتين بين النجاح والفشل، كل حسب موقفه السياسي من الوضع الراهن .
لا أرغب في الخوض في تفاصيل هذا الاختلاف ومنطلقات كل فئة، لكن من وجهة نظري الشخصية أن زيارة البرهان الخارجية بعد إجراءات 25 أكتوبر وإقالة رئيس الوزراء، د. عبد الله حمدوك، نجحت في ثلاثة محاور، وأخفقت في ثلاثة أخرى..
البرهان نجح في إحداث نقلة نوعية، إذ تجاوز الناس محطة هل سيشارك كرأس دولة بعد غياب طويل للسودان عن المحافل الدولية، فأصبحوا يتحدثون عن محتوى الخطاب .
ونجح في أن الخطاب شمل رؤية البرهان في قضايا تمثل شواغل الأسرة الدولية، مثل دور السودان في مكافحة الإرهاب.. الاتجار بالبشر..الهجرة غير الشرعية.. مكافحة الجريمة العابرة للحدود، كذلك عن دور السودان الإقليمي، بالتنسيق مع كل الأطراف لاستتباب الأمن في ليبيا .. التعاون مع تشاد لضبط الحدود .. وتعزيز السلام في الكنغو الديمقراطية .
جدد الالتزام بالتعاون مع الآلية الثلاثية لدعم الانتقال..
نجح البرهان عندما ألقى خطابه بكارزيما ودون رهبة.
وفي رأئي أخفق خطاب البرهان بإضاعته فرصة نادرة للخروج من الصياغة التقليدية، وتقديم أطروحات من خارج الصندوق، فكان الخطاب (تلاقيط) مبعثرة دون إطار أو رابط مفاهيمي .
أخفق الخطاب بإقحامه قضايا مكانها الداخل وليس منبر الأمم المتحدة مثل العبارة المكررة.. ما عدا المؤتمر الوطني.. كذلك ترديد حكاية دعوة الحلو وعبد الواحد محمد نور. وهي مسائل تمثل منتهى المحلية .. كان من الممكن أن يكتفي بالجهود المبذولة لتحقيق السلام .
أخفق الخطاب في أنه لم يعلِ من شأن المبادرات الوطنية، فقط اكتفى بأنهم ينظرون بإيجابية للمبادرات لتحقيق الوفاق.. ولم يتناول أمر التدخلات الخارجية، وحجب ما يسمى بأصدقاء السودان مساعداتهم الاقتصادية .
أهم المحاور التي أغفلها خطاب البرهان أنه لم ينادِ بإعادة النظر في العقوبات التي فرضها مجلس الأمن على السودان وفق القرار (1591) بحظر السلاح وتوريده لدارفور لعام 2005، الذي بموجبه تم إنشاء لجنة عقوبات ضد السودان، وفريق خبراء. .. هذا القرار لازال قائماً رغم أنه أثر على حركة الحكومة وجهودها لتحقيق السلام والاستقرار. فكان ينبغي أن يتضمن خطاب الفريق البرهان المطالبة بمراجعة مجلس الأمن لقراره .
من المفارقات العجيبة أن يناشد ممثل الصين في مجلس الأمن إلغاء العقوبات على السودان بموجب القرار (1591) ويغفله رأس دولة السودان في خطابه الرسمي أمام الأمم المتحدة.
البرهان في خطابه اشتكى من انتشار الأسلحة في دارفور برغم فشل اليوناميد في هذه المهمة، بينما تعد السلطات المحلية هي الأقدر بموجب اتفاقيات السلام والصلح الأهلي.
زيارة لندن ونيويورك التى اختتمها بزيارة القاهرة ومقابلة السيسى كانت مرهقة على لياقة البرهان الجسدية لكنها حتما قوَّت من لياقته السياسية فى المشهد الداخلى.
/

اترك رد

error: Content is protected !!