الرأي

رحاب شبو تكتب : الإشاعات لا تخدم قضية المخدرات

ضجت السوشيل ميديا بكمية من المعلومات بعد إنطلاقة الحملة القومية لمكافحة المخدرات بعدد لا يستهان به من الفيديوهات المصورة لناشطين ومحبي نشر المعلومات , وبغض النظر عن هل هي معلومات موثقة و صحيحة أو تعتمد على سند علمي ، فإنه يطرأ تساؤل: ماهو الأثر الناتج عن نشر هذه المعلومات ؟.
لقد سبب إنتشار هذه المعلومات في الميديا الخوف والهلع للعديد من الأسر السودانية فوصلتني العديد من الإتصالات والإستفسارات في الأيام الفائتة من الأهل والأصدقاء خاصة من الأمهات اللائي صرن يخفن على أبنائهن حتى من شرب الماء فى مدارسهم أو منازل أصدقائهم , كما عانى الكثير من التجار وأصحاب الأعمال الصغيرة مثل محلات العصائر وستات الشاي ومحلات بيع البسكويتات والحلويات من هذه المعلومات وتأثروا بكساد أعمالهم فأثر ذلك على أرزاقهم. كما فقد العديد ممن إبتلاه الله بالإدمان الأمل فى العلاج فإمتنع عن زيارة الأطباء أو مراكز العلاج وفقد الدافعية في العلاج و ما ذلك إلا نتيجة لتلك المعلومات التي جانبها الصواب و نشرت على الملأ من خلال تسجيلات في السوشيل ميديا دون تحسب للنتائج المتوقعة. كما نشرت المعلومات المبالغ فيها عن عدد ونسب المدمنين في السودان والعدد الخرافي الذي يتردد علي مراكز وعيادات الإدمان و الذي يتجاوز الألف حالة يومياً بل وأكثر من ذلك التأكيد على نسبة إن ربع الطلاب بالسودان مدمنين من قبل ناشري المعلومات الذين يحبون الظهور و تسليط الأضواء عليهم دون وجود إحصاءات حقيقية أو معلومات فأصبح الكثير من الأسر مرعوبين من أن يكون أبناؤهم ضمن هذه النسبة , وأين هي الدراسات التي نفذت لإثبات تلك المعلومات وهل هي حقيقية أم نسج خيال والتي ربما إن وجدت لساعد وجودها في وضع إستراتيجية لتنفيذ البرامج والفعاليات التي يكون مردودها كبير وذو فائدة عظيمة في معالجة المشكلة.
في إطار عملي السابق بمركز حياة لعلاج الأدمان ومن خلال تعاملي مع العديد من المدمنين في تلك الفترة و إطلاعي على عدد من التقارير الإحصائية المبنية على معلومات حقيقية و تواصلي الآن مع عدد من الأطباء الذين أعلم يقيناً نسبة التردد العالي للمدمنين على عياداتهم طلباً للعلاج وكذلك إستفساري من أصحاب الإختصاص و المسئولين عن مدى مصداقية هذه المعلومات و صحة الحديث , فكان نتيجة كل ذلك حقائق و معلومات أرغب فى مشاركتها معكم علها توضح الحقيقة وتزيل اللغط وتبعد المخاوف وهي:

  1. نسبة تردد المدمنين على العيادات و المستشفيات في اليوم عالية ولكن لا تصل الى الرقم الذي تم ذكره وربما لا تصل إلى نصفه كما لا توجود إحصائية موثقة عن عدد المدمنين في السودان ولا عن النسب المختلفة للفئات في التعاطي و الإدمان وذلك لعدم وجود دراسة تم تنفيذها من قبل الدولة أو أي جهة أخرى (نتمني تنفيذ دراسة إحصائية في أسرع و قت حيث لا يمكن نجاح برامج أو معالجات لا تعتمد علي إحصائيات).
  2. جميع الشباب الذين ترددوا علي العيادات أو مراكز العلاج التي تواصلت معاها قد تعاطوا بمحض إرادتهم للتجريب أو المحاكاة أو رغبة في نسيان المشاكل أو بضغط من رفقائهم أو نتيجة سوء إستعمال للأدوية أو لغيرها من الأسباب (ربما يكون هنالك عدد بسيط قد تعاطي دون علمه ولكن لم يتردد علي العيادات التي تواصلت معها ؟ )، كما إن أكثر الذين تعاطوا مخدر الآيس تعاطوه بعد رحلة طويلة من تعاطي مختلف أنوع المخدرات ومن ثم الإنتقال اليه.
  3. المواد المخدرة لا تقتل إلا نتيجة جرعة زائدة أو نتيجة لتسمم الجسم من استعمال مواد ملوثة ينتج عنها تلوث في الدم فيعمل علي تدمير جميع الأجهزة الحيوية في الجسم لذا من يصل إلى العناية المكثفة يكون قد وصل إلى مراحل حرجة قد يصعب علاجها ( وهو ما استند عليه أحد الأطباء في السوشيل ميديا بأن من يتناول الآيس سوف يموت و ما ذلك إلا أن تخصصه معني بإستقبال الحالات الحرجة في العناية المكثفة ومن ضمنهم المدمنين وليته تأكد من هذه المعلومة من أصحاب التخصص قبل ذكرها حتي لا تنتشر و تؤثر في نسبة العلاج والتردد) مع العلم أن تعاطي وإدمان المخدرات قد ينتج عنه أمراض جسدية كثيرة وأحياناً مستعصية وكذلك قد يؤدي إلى أمرض نفسية حادة وربما إلى الجنون.
  4. تشكو معامل الفحص الرسمية المعتمدة من الكم الهائل للحلويات والبسكويتات التي تفحصها نتيجة لشكوي من المواطنين ولكنها لم تجد فيها أي نسبة أو نوع من المواد المخدرة بداخلها وكذلك ستات الشاي فهم تحت المراقبة المستمرة ولم يثبت إعتمادهم تجارة المخدرات بجانب بيع القهوة والشاي إلا من ابتلاهم الله وهم لا يتجاوزون عدد أصابع اليد الواحدة وما تلك المعلومات إلا معلومات فقط تنشر في السوشيل ميديا دون تأكيد او إثبات ولا أدري لمصلحة من ومن المستفيد من كل ذلك؟.
    من يرغب في المتاجرة في المخدرات وترويجها يعمل علي إخفائها بطرق مختلفة بعيدة عن أعين الشرطة وليس عن أعين الموزعين أو المدمنين و يكون ذلك بمختلف الأشكال داخل الحلويات أو البطيخ أو قزاز العصير أو الشامبوهات وبمختلف الطرق التي لا تخطر علي بال أحد ولكن لا يمكن لمن يرغب في الإستفادة و الربح أن يجعل المادة داخل حلوى توزع بالجملة علي محلات لا يعرف حتي التاجر الذي يبيعها أن بها مواد مخدرة و كيف يمكن أن يستفيد صاحب المادة الأصلي خاصة إن من يستعملها لا يعرف أن بها مخدرات وهل يمكننا أن نصدق أن المقصود هو إدمان وقتل الأطفال و الشباب بكميات كبيرة؟ ولنا أن نسال كم عدد الذين ترددوا علي المستشفيات بعد أكلهم الحلويات أو البسكويتات وكم عدد من توفي؟ !!!!!!!! لو كانت المعلومة حقيقية لربما كانت الوفيات تعادل من توفي بالكرونا في بداياتها ولكن لم تسجل مضابط الشرطة حتي الآن حالة وفاة واحدة ناتجة عن حلوى أو بسكويت وكذلك إدمانها نتيجة لتلك المعلومات.
    ملاحظة
    كل ما ذكرت سابقاً هو تصحيح لبعض المعلومات المتداولة و المنتشرة علي السوشيل ميديا ولكن يجب ألا يقلل ذلك من حذر الأسر و مراقبة أبنائها خوفاً عليهم من التعاطي و الإدمان , فالمخدرات منتشرة في كل دول العالم باستهداف شبابه لسهولة إقناعهم و سرعة تأثرهم بأقرانهم وقلة خبرتهم بعواقب التعاطي والسودان كبقية دول العالم يعاني ما تعانيه بقية الدول، كما إن تدمير الدول منذ القدم معروف بتدمير شبابها لأنهم عصب تنميتها وحاضرها ومستقبلها والسودان دولة شابة لذا فهو يعاني من هذا الاستهداف فلا بد من مساعدة شبابه ووقايتهم وحمايتهم من السقوط في ذلك الدرك المظلم.
    وفي الختام أقول وأكرر ارحمونا من كمية المعلومات الغير موثقة وليس لها سند علمي،
    فالإشاعات والمعلومات المغلوطة لا تخدم قضية بل تضر

اترك رد

error: Content is protected !!