بعد ساعات من عشاء عمل جمعه مع وفد الموساد الإسرائيلي بمنزله غادر الفريق محمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع نائب رئيس المجلس السيادي إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا.
لو لا الاجتماع مع الوفد الإسرائيلي كان بالإمكان وصف الزيارة بأنها مفاجئة وغير متوقعة. لما آل إليه حال العلاقات السودانية الإثيوبية من سوء وتوتر، جراء الحرب على الحدود وانهيار المفاوضات حول سد النهضة وتبادل الاتهامات والتصعيد الإعلامي. خاصة بعد الانتصارات التي حققتها القوات المسلحة على الحدود الشرقية واستعادة عدد من المناطق في الفشقة.
ليست صدفة أن تتزامن زيارة الوفدين الأمريكي والإسرائيلي إلى الخرطوم. كما أن الدفع بجهود مبادرة الأمم المتحدة بقيادة فولكر لم تكن هي السبب الأساسي والرئيس للوصول إلى الخرطوم في هذا التوقيت.
إسرائيل التي تتخذ من إثيوبيا حليفاً استراتيجياً في المنطقة يهمها حدوث استقرار في هذه الدولة سواء على المستوى الداخلي أو على حدودها مع دول الجوار، وهذا الواقع يفسر ظهور رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في تغريدة له وهو يغازل القاهرة والخرطوم فيما يتعلق بالحوار ثلاثي الأطراف حول سد النهضة.
في سبتمبر من العام المنصرم نسب للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تصريحاً يؤكد فيه أنه وجد تفهماً مشتركاً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت حول سد النهضة. وذكر أنه تحدث مع بينيت بصراحة وشجاعة، ودعاه المساعدة في حل الأزمة مع إثيوبيا.
أثناء الحرب الداخلية في إثيوبيا رفع آبي أحمد من لهجة التصعيد الإعلامي والاتهامات لمصر والسودان بدعم جبهة التقراي وتأجيج الصراع داخل إثيوبيا.
بفضل التدخلات الأجنبية والدعم التركي نجح آبي أحمد في وقف الحرب (ولو مؤقتاً) هي نفس الجهات التي تدفع برئيس الوزراء الإثيوبي وبالقيادات العسكرية السودانية التوصل إلى حلول حول القضايا العالقة وعلى رأسها سد النهضة.
زيارة حميدتي لمقابلة آبي أحمد كان أمراً مخططاً له إسرائيلياً. حتى طريقة الظهور التي أبرزتها الصور من نوع البدل وماركاتها وألوانها وتشابك الأيدي في زمن الكورونا كان أمراً مخططاً له بعناية.
الدعم الذي يجده المكون العسكري من إسرائيل وعدد كبير من المسؤولين الأمريكيين يتعلق بإدارة عدة ملفات الصراع في المنطقة التي ظلت تشكل هاجساً كبيراً للدول الكبرى.
وضع نهاية للخلافات السودانية الإثيوبية على الحدود، والإثيوبية السودانية المصرية حول سد النهضة تمثل أهمية قصوى لإحداث الاستقرار الإقليمي المطلوب. ومن هنا تأتي الصفقة بين المكون العسكري والوفدين الإسرائيلي والأمريكي التي تجعل حميدتي يطير إلى أديس.