اذا عرف السبب/ اسامة عبدالماجد

خطاب البرهان الاممي.. (12) ملاحظة


اسامة عبدالماجد

¤ أولاً: كان لافتا ان خطاب رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان أمس أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها (78) اختلط فيه البعد السياسي، بالامني والدبلوماسي بشكل مذهل.. من خلال الاعداد الجيد له والوضوح.. ومما زاد الخطاب تماسكا وجذبا للاهتمام.. اسلوب الالقاء القوي والثبات الذي كان عليه البرهان.. وقد كان في قمة الحضور والاناقة وهما امران غاية في الاهمية في مثل هذة المحافل..

¤ ثانياً: شرح البرهان الواقع بشكل دقيق ودلف للحرب مباشرة.. وكان الذكاء في تسمية الاطراف التي شنت الحرب (قوات الدعم السريع المتمردة، تحالفت معها مليشيات قبلية وأخرى إقليمية ودولية وإستجلبت مرتزقة من مختلف بقاع العالم).. ثم حدد ما ارتكبته من جرائم وهي نحو عشرة منها القتل النهب ،السرقة والإغتصاب.

¤ ثالثاً: نسبة لاهتمام الغرب الاوربي والامريكي وبشكل كبير بالثقافة والتراث الفنون.. تصدرت المتاحف والاثار اعلان البرهان قائمة المؤسسات التي تضررت.. وذكر ان المليشيا حاولت طمس تاريخ وهوية الشعب السوداني وذلك بالإعتداء عليها وبعدها ذكر بقية المواقع المتضررة (سجلات الأراضي ،السجل المدني ،سجلات المحاكم والمطارات وغيرها).

¤ رابعاً: شمل الخطاب كل الافعال الاجرامية التي ارتكبتها المليشيا وكان التركيز بشكل دقيق على اطلاقها سراح المساجين والمعتقلين الذين من ضمنهم مطلوبين للعدالة الدولية ويقصد بذلك مساعد الرئيس السابق احمد هارون.. كما اشار البرهان الى اطلاق سراح إرهابيين.. ومعلوم الى اي مدى تشغل ملفات الارهاب والمحكمة الجنائية المجتمع الدولي.

¤ خامساً: لو حقق البرهان مكسب واحد من مشاركته – وقد حقق حزمة فوائد – فهو مطالبته للمجتمع الدولي تصنيف المليشيا والمليشيات المتحالفة معها مجموعات إرهابية.. وكرر المطلب مرة اخرى قبل ان يختتم خطابه.. ولترسيخ المطلب وبقوة قال في سياق ذكره لها (مليشيا الدعم السريع الارهابية)…كما نبه الى ان خطرها أصبح يهدد السلم والأمن الإقليمي والدولي , باستعانة المتمردين بمجموعات خارجة عن القانون ومجموعات إرهابية من عدة دول في الإقليم والعالم – ويقصد بالاخير مجموعة فاغنر الروسية.. وتعمق الخطاب اكثر فاكثر في فضح جرائم المليشيا خاصة فيما ارتكب في حق قبيلة المساليت.

¤ سادساً: اودع البرهان ثلاثة رسائل في بريد داعمي المليشيا الارهابية في مجال نقل الأسلحة والمخدرات وإستجلاب المرتزقة.. كانت الرسائل الثلاثة شديدة اللهجة.. الاولي دعوته الى ضرورة التعامل الحاسم معهم.. الثانية ان الحكومة والقوات المسلحة واجهزة اخرى لن تسمح بإنتهاك سيادة الدولة او النيل من كرامة شعبها مهما كانت الكلفة.. والثالثة رفضهم مشاركتهم في حل قضايا السودان حسب مصالحهم.

¤ سابعاً: كانت اشارة ذكية في الخطاب تاكيد جنوح الحكومة الى السلم رغم الجرائم التي ارتكبتها المليشيا.. وذكر البرهان إستجابتهم لستة مبادرات على راسها المقدمة من الرياض وواشنطن.. واكد ان كلها اصطدمت برفض المتمردين للحلول السلمية وإصرارهم على تدمير الدولة وإبادة وتهجير شعبها.

¤ ثامناً: تناول الخطاب البعد الانساني.. بالاجابة على سؤال غاية في الاهمية الى اي مدى نسقت الحكومة السودانية مع الاخرين لرفع المعاناة عن الشعب.. ذكر البرهان ان الحكومة من جانبها فتحت المطارات والموانئ، سهلت حركة وعبور وتقديم المساعدات للقوافل وذللت الصعاب التي تواجه العمل الإنساني.. ونسبة الى ان الدول المانحة والوكالات لم تفئ بتعهداتها انتهز البرهان الفرصة وناشدهم للإيفاء بتعهداتها.

¤ تاسعاً: اكدت كل فقرات الخطاب انه اعد بعناية فائقة وبواسطة فريق محترف ارجح وبقوة تقدمته بعثة السودان بنيويورك برئاسه السفير الحارث ادريس.. يعلم الفريق جيدا شواغل المجتمع الدولي.. وكل الامور التي تلفت انتباهة.. ولذلك جاء فيه ان الحرب يشنها متمردو الدعم السريع بقيادة أسرة دقلو.. ليعرف العالم من يفود تلك المليشيا.. حيث لم يتم حصر القيادة في شخص كبير المتمردين حميدتي فقط.

¤ عاشراً: قطع البرهان الطريق امام من يزايدون على الجيش بتجديده تعهداته السابقة بنقل السلطة إلي الشعب.. واشترط في ذلك (توافق عريض وتراض وطني وانتخابات).. لتخرج القوات المسلحة نهائياً من العمل السياسي.. كذلك رسم ملامح المرحلة المقبلة وتتمثل في (مرحلة إنتقالية قصيرة – حكومة مدنية من المستقلين).. حدد لها ثلاثة مهام (معالجة الأوضاع الأمنية ،الإقتصادية وإعادة الأعمار).

¤ حادي عشر: كان ملف السلام حاضرا بقوة في الخطاب.. بالتزام الدولة بمواصلة الحوار مع الممانعين (عبدالعزيز الحلو وعبدالواحد نور).. التجديد بالالتزام باتفاقية السلام الموقعة في جوبا في العام 2020.. وهي اشارات فيها قدر كبير من طمأنة الخارج قبل الداخل.

¤ ثاني عشر: تناول الخطاب قضية مهمة وهي واحدة من ادوات قياس المجتمع الدولي لمدى جدية اي حكومة.. وهي اهداف التنمية المستدامة مدى العمل لتحقيقها.. لكن الاهم لفت الانتباة الى تأثر الملف سلباً نسبة الى وقف وتجميد المساعدات الدولية والتي اثرت كذلك في توسيع فجوة الحماية الإجتماعية ومجابهة التغيرات المناخية ومواجهة أزمة الغذاء وهي قضايا تتصدر اهتمامات المجتمع الدولي… وفي ذات السياق جاء كذلك اعلان البرهان التضامن مع الاشقاء في المغرب وليبيا لما أصابهم من كوارث مؤخراً.. وهذا يعني عدم الانكفاء على الداخل.

اترك رد

error: Content is protected !!