ظلَّت بلادنا خلال تأريخها الممتد مهوى الأفئدة الأفريقية ومبلِغَ هجرتها وسدرة منتهاها لِمَا وجدوه من وجوهٍ هاشَّة وكرمٍ فيَّاض ورزقٍ وفير متاعاً لهم ولأنعامهم فنشأت المصاهرات وتعددت الزيجات وتحقق المَقصد الربَّاني( لِتعارفوا) فى أبهى وأنصع معناه ، وإستمر هذا الوضع إلى أن جاء أمثلهم طريقة وأربعةٌ من الحمقى خامسهم من إلتحق بخدمتهم ، أو سبعةٌ وثامنهم من باعهم وإبتاع منهم ، وجنودٌ الله أعلمُ بعددهم جاءوا من كُلِّ فَجٍّ إفريقىٍ صحراوىٍ عميق ولا نمارى فيهم جاسوا فى البلاد غدراً وخِيانة ، وأكثروا فيها الفساد قتلاً ونهباً وترويعاً ، وداسوا بأحذيتهم القذرة وإنسانيتهم الملوثة على رقاب أهل السودان فزادوا من معاناتهم وعَمَّقوا مأساتهم ، وأضحى مستشار إلهَهُمْ الهالك يذرف دموعاً من عيونٍ وقحة كتعبيرٍ دقلوقراطى مستحدثٍ عن المشاعر السياسية وإستجداء التعاطف .. وأهل السودان بغفلتهم المعهودة وسذاجتهم لم يُقَدِّروا المتمرد قدره ولم يهتموا بدراسة قِيَمِهِ التى جاء بها ، والأفكار التى يحملها ، والمخاطر والتهديدات التى ظَلَّ يُلَوِّحُ بها حتى حدس ما حدس ..!!
وبالأمس إنعقدت قمة دولية لمجموعة دول حوض المتوسط وبعض المهتمين لمناقشة قضايا الهجرة غير الشرعية بعد أن إزدادت وإتسعت التحدِّيَات الأمنية وتعَقَّدَتْ الأوضاع الإقتصادية والأجتماعية والسياسية فى القارة العجوز حتى رأينا من يحرق المركبات فى الشانزليزيه ، ويضع المتاريس ويهتف المجد للساتك ..!! فلئن سئم المجتمع الأوروبى المتحضر من وجود المهاجرين غير الشرعيين وإستشعر خطرهم أكثر من أى وقتٍ مضى فنحن جميعنا مطالبون بعد أن تنتهى هذه الحرب بعزِّ عزيزٍ أو ذُلِّ ذليل بتأسيس إجماع وطنى يساهم فى تعزيز لحمتنا ويُقَوِّى من أركان سوداننا ويؤمنه من تأثير الإهتزازات الأمنية وأطماع الدول الإقليمية وأسيادهم ، وأن حُكامنا مطالبون أيضاً بإستدراك الخطأ المميت المتمثل فى ذلكم التمكين الذى إستأثر به المتمرد وقوته فى جُرأةٍ يُحسدون عليها ( إن إعتبرناه خطأً ) فالحكمة وقوة القيادة يكمنان فى القدرة على الإستدراك ، وعليهم أىِّ الحُكّام بَذلَ جُهدٍ إستثنائى لإصلاح ما أفسده التتار الجُدد ومنح الممارسة السياسية والعمل التنفيذى الألق والصدق والجاذبية كأستحقاق مُنصِف حتى لايكون البديل هو الفراغ السياسى والأمني الذى من شأنه أن يهدد الإستقرار والأمن والسلم المجتمعى ، ويبقى الرهان الأكبر معقوداً على الله عزَّ وجَلّ أولاً ، ومن ثمَّ على العقلاء لوضع المصلحة العليا للسودان فوق كل الإعتبارات ، فوحدة الدين والأرض والمصير هى التى تقوم عليها وحدة أهله ، فالمأمول مِنَّا جميعاً المحافظة على وحدتنا الوطنية التى أحسسنا بأهميتها للدرجة التى أصبحنا نتمنى أن تنتهى هذه الحرب لنصافح بعضنا فى الطرقات ولنحضن بعضنا البعض و نتقالد ، ولننشر ثقافة التسامح والتكامل والسلم المجتمعى بيننا ، والحرص على الإلتزام بمبادئ العدالة والمساواة فى السلطات الثلاث .. وبذلك نضمن الوئام والسلام والإستقرار وتظل بلادنا ملاذاً آمناً وحصناً حصيناً نشعر فيه جميعاً بالطمأنينة والرضا .
حفظ الله سوداننا وأهله من كُلً سوء .