
.. الحديث عن اسباب حرب السودان التي اتت علي الأخضر واليابس وجل ما تم بناءه في عقود مضت، من مشاريع بترول ومصفاة وكهرباء ومدارس وجامعات ومشافي، حديث لا يمكن فصله عن واقع آثار الهجرة الي السودان من دول الجوار المتاخمة من الشرق والغرب والجنوب وما وراءها، وما رشح قبل الحرب، عن تجنيس اعداد تخطت مئات الآلاف من عرب غرب أفريقيا عبر سفارة السودان في النيجر امر لابد أن يوضع في حسابات وزارة الداخلية لمراجعة السجل المدني، واعادة النظر فيه بل ومحاسبة جميع من عبث بهذا الملف الهام واعادة الأمور الي نصابها. قبل الثورة كان الناس يتندرون بتجنيس بضعة الاف الأشقاء العرب، ممن دخلوا بطرق مشروعة ورغبوا في الحصول علي الجنسية حماية لاستثمارتهم وأموالهم واعمالهم التي ساهمت في الاقتصاد القومي مساهمة لا ينكرها الا مكابر وتشهد عليها صروح صناعية تمولها اراضي زراعية بالخام، بل غضوا الطرف ولم يذكروا فضيحة النيجر ولو بكلمة، هذا إضافة الي مواطني دولة الجنوب المنفصلة الذين تقدر اعدادهم ببضعة ملايين بعضهم لم يغادر اصلا السودان وأكثرهم عادوا بعد الانفصال لسوء إدارة دولتهم الحديثة منتشرين بين جنوب ولاية النيل الأبيض وجنوب الخرطوم بلا حسيب ولا رقيب، وملايين الاحباش في كسلا والقضارف وسنار ومدني والخرطوم بلا هوية او إقامة رسمية، ويمارسون العمل في قلب العاصمة في حي الديم والجريف، ووافدي دول جوار غرب السودان، بينما القلة من السودانيين المقيمة في إثيوبيا وفي جنوب السودان غير مصرح لهم بالإقامة الا برسوم، ولا يملك أحدهم ان يفتح كشك او اي عمل تجاري الا بشروط قاسية وتكلفة عالية، هكذا يتعاملون مع السودانيين في بلادهم، بينما ظلت بلادنا مشرعة أبوابها لكل من هب ودب بعضهم يعمل وأكثرهم بلا عمل يقتاتون من ممارسة الرذيلة والجريمة، وانخرط غالبيتهم في حرب الجنجويد جنودا مقاتلين وتفرغ بقيتهم للنهب والسلب، ولا زالوا حتي يومنا هذا يشكلون خطرا علي الأمن في العاصمة والولايات التي بدأت في التعافي من آثار الحرب، الا ان شفاءها التام مرتبط ارتباطا وثيقا بنظافة تلك المدن تماما من هذه الفئة.
.. حقيقة لا ينكرها الا مكابر فان المهاجرون الأفارقة يسهمون في زيادة النشاط الإجرامي والتهريب في السودان بصورة كبيرة، مما شكل ويشكل ضغطا علي الموارد وتكلفة زائدة علي المياه والغذاء والخدمات الصحية، ما ادي إلى تدهور في مستوى الخدمات المقدمة للسكان المحليين. ولا ننسي الأثر الأكبر على الاقتصاد السوداني، خاصة وانهم يعملون في قطاعات غير رسمية ويمارسون أنشطة اقتصادية غير قانونية. ويرفعون من فاتورة الاستيراد، بالإضافة الي الصراعات الثقافية والاجتماعية بينهم والسكان المحليين حيث هنالك اختلافات كبيرة في القيم والعادات والتقاليد. ومع زيادة ملحوظة في الضغط على البنية التحتية للبلاد، مثل الطرق والمدارس والمستشفيات، كل ذلك كان سببا في تدهور مستوى كافة الخدمات. ولا بد أن نقر بأن هذه الآثار السالبة تعني أن المهاجرين الأفارقة يسببون مشاكل، لإن غالبيتهم العظمي لا يساهمون في تنمية الاقتصاد والثقافة في السودان.
.. مهمة الداخلية اليوم عظيمة وجسيمة وتحتاج الي برنامج شامل مهما علت تكلفته فإن اثره سيكون بليغا وعلاجا لكثير من معاناة السودانيين من البطالة والعطالة ومن الجريمة ومن كثير من الأمراض المنقولة ومن التهريب والتجارة في الممنوعات والذهب والجلود والمنتجات الزراعية وحتي ما تستورده الدولة لحساب المواطن بالدولار يذهب لتلك الدول في تجارة بكماء اضرت كثيرا بالميزان التجاري للدولة، ولابد لنا هنا من وقفة في مقولة نائب الرئيس في حقبة الإنقاذ علي عثمان محمد طه (شوت تو كيل) والتي كانت ضمن خطابه في البرلمان التي قصد بها مهربي السلع لدول الجوار في حالة رفضهم التوقف عند نقاط العبور، والتي زيفت لمارب اخري في إطار التشويه واغتيال الشخصية. الان نقولها ونكررها ونؤكد عليها بأن نقاط العبور يجب أن تمنح الصلاحية التامة في قتل كل من يتجرأ بسرقة قوت المواطن ودواءه وثرواته لتهرببها لجيران لم نجد منهم الا كل قبيح في هذه الحرب التي فتحوا لها أراضيهم واجواءهم لخدمة الجنجويد وتزويدهم بالسلاح والوقود بل وبالمقاتلين في صفوف الجنجويد، وبالدعم السياسي، وعلي الدولة وسعادة الفريق البرهان ان يرد الدين لهذا الشعب الكريم علي وقفته المشرفة خلفه ودعمه، بتامين هذا الشعب الأبي في امنه وسلامته وحقه في ماله وحلاله المنهوب عبر تلك الحدود الاسنة بقرارات صارمة لا تقبل التهاون للقضاء علي هذا الوضع المخل، وبحملات مكثفة لترحيل كل من هو بلا هوية لبلاده مهما بلغ عددهم ومهما كانت التكلفة. فهي حرب اخري يجب أن تخوضها وزارة الداخلية وجهاز الأمن والمخابرات، والمواطن يكمن دوره في عدم التستر ومساعدة الأجهزة. لان ما يحدث في بلادنا من فوضي لم نراه في دولة اخري، ولو أخذنا السعودية مثالا والتي يدخلها كل عام أكثر من عشرين مليونا من الحجاج والمعتمرين لا يتخلف منهم احد ومن يتخلف تطاله يد الدولة الطويلة ويتم تسفيرهم فورا وهكذا الحال في كل الدول، الا نحن. فهل من اذن صاغية ويد طاغية في الحق.
جيش واحد شعب واحد