الرواية الأولى / مجدي عبدالعزيز

حالة الطوارئ وتحصين التعبير السياسي

مجدي عبدالعزيز

• يوم الأربعاء ١١ مايو الجاري نقل الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة العميد الركن نبيل عبدالله عن إجتماع اللجنة الفنية لمجلس الأمن والدفاع انه استعرض الموقف الأمني والجنائي بالبلاد و اتخذ عددا من القرارات ، أبرزها توجيه القوات المسلحة وكافة القوات النظامية بجميع أنحاء البلاد بالتحرك الفوري والحاسم لإتخاذ مايلزم من إجراءات قانونيه لحسم التفلتات الأمنية والظواهر السالبة التي برزت مؤخرا  بما يحفظ هيبة الدولة ، كما كلف الإجتماع  القوات المسلحة بكافة المناطق والفرق والقوات النظامية ، بالتعامل الحاسم والقانوني مع كافة المظاهر العسكرية  غير  القانونية ضد أي مجموعات أو أفراد بكافة مدن وأنحاء البلاد.
• نستطيع القول إن هذه القرارات هي تنزيلاً عملياً لمقتضيات حالة الطوارئ المعلنة سلفاً بالبلاد ، ومعلوم إن إعلان حالة الطوارئ يتبعها إقرار للائحة الطوارئ وإصدار لأوامر الطوارئ المختلفة في كل النواحي التي أوجبت إيجاد وضع استثنائي في البلاد ، وكما هو معلوم أيضاً أن لإعلان الطوارئ مرجعية دستورية – كل الدساتير التي حكمت السودان منذ الاستقلال ـ واستمرت هذه المرجعية الي الوثيقة الدستورية 2019م ( بتعديلاتها الثلاث ) حيث أجازت الوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية إعلان حالة الطواريء في البلاد أو في أي جزء منها عند وقوع أي خطر طارىء أو كارثة طبيعية أو بيئية تهدد وحدة البلاد أو أي جزء منها أو سلامتها أو اقتصادها وذلك وفقا لهذه الوثيقة الدستورية والقانون.
• وبلا شك إن الأوضاع المتردية التي تمر بها الآن ـ ودون إستخدام للعبارات المنمقة كالهشاشة والسيولة الأمنية والحساسية ـ بل بالصريح الأكثر تعبيراً ( الأوضاع الكارثية ) ، ستجبر كائناً من كان علي سدة السلطة عسكرياً ام مدنياً ام مختلطاً أن يعلن حالة الطوارئ كخط دفاع أخير علي المحك من دخول البلاد الي مستنقع الفوضي واللا قانون والرعب المترائي والذي يعني بالواضح أيضا ( أن لا دولة ) ، وهذه الحيثيات تتحدي كل التأويلات الرمادية والسياقات الخيالية التي يراد بها مقاومة إقرار حالة الاستثناء ، ناهيك عن الاستهبال السياسي الذي يهدف للمكاسب الذاتية .
• إعتقادي أن ما بدأ تنفيذه من حملات مشتركة للقوي الأمنية كالتي تمت أمس علي أوكار الجريمة ومنابعها ، وكذلك إصدار الأوامر المحلية الهادفة لاستئصال ظواهر النهب ( السادة والمسلح ) وكذلك الإنتشار الشرطي ، والإستحكامات والحواجز علي الطرق رغم مظاهرها التي تسبب الإزعاج للمواطنين في بعض الأحيان ستجعل الطمأنينة التي كانت مفقودة في كثير من الأحيان تتسلل الي نفوس هؤلاء المواطنين المغلوب علي أمرهم بين ثلاثية : ضنك العيش ، وفقدان الأمان الشخصي ، والتوتر النفسي من طول الاحتدام والصراع السياسي .
• رغم كل ما سبق إيراده فإن المفترض أن يزول وضع الاستثناء وتنتهي حالة الطوارئ ويذهب الناس لمزاولة حياتهم الطبيعية بكل ما عليهم من واجبات وكافة ما لديهم من حقوق، ومن الطبيعي أن واحدة من أدوات تحقيق ذلك ـ علي العموم والإجمال ـ هو ممارسة السياسة الوطنية الراشدة ،، والحمد لله الآن ان ذهبت مع الريح واحدة من ( صناجات ) اللاءات الثلاثة التي رفعت عقب 25 اكتوبر وهي ( صناجة ) لا حوار ـ فهل سيستعصي بالحوار إن تجاوزنا وقائع كل ما يدور من نقاشات ومفاوضات سرية او علنية وفق الآلية الثلاثية الاجنبية او وفق اي آلية وطنية أخري أن يتم التوافق ( أولاً) علي تحصين التعبير السياسي بكل أدواته ووسائله المتحضرة والمعلومة من آثار الطوارئ ؟ بإعتبار أن التعبير السياسي هو الطريق المعبد لحل الأزمات وطرح الحلول ،، إجابتي نعم بل ولم لا ؟ فالحديث تكرر عن ضرورة تنظيم وتأمين المواكب مثلاً والمنابر السياسية والتجمعات ، لكن هذا التنظيم والتأمين لن يتأتي الا بالتضامن والمسئولية المشتركة المشبعة بالإرادة التي تدرك واقعاً وفعلاً أنه بلا بيئة آمنة ومستقرة للجميع لن نستطيع أن نتقدم ( شبرا ) نحو آفاق اي حل أو تجاوز لعقبات الإنتقال الكؤودة ،، وإلي الملتقي ..

• السوداني

اترك رد

error: Content is protected !!