بدأ وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يوم السبت الماضي جولة إفريقية تشمل مصر، الكنغو، يوغندا، واثيوبيا. في مصر طمأن لافروف السلطات المصرية فيما يلي استمرار شحنات القمح من روسيا وأوكرانيا بعد الاتفاق الروسي الأوكراني الأخير باستمرار هذه الشحنات عبر البحر الأسود، ويذكر أن مصر استوردت من روسيا خلال العام 2021 حوالي 4.2 طن قمح بقيمة 1.2 مليار دولار، بنسبة 69.4% من استيرادها الكلي. ومن أوكرانيا خلال نفس العام 561 ألف طن قمح بقيمة 650 مليون دولار، بنسبة 10.7% من الاستيراد الكلي لمصر. وخلال وجوده في مصر خاطب لافروف الجامعة العربية مشيداً بالموقف العربي غير المنحاز في قضية الحرب الروسية الأوكرانية.
بالنسبة للكونغو فإن الاهتمام الأكبر من جانب روسيا ينصب على ضمان استمرار نشاط وعمل الشركات الروسية التي تعمل في مجال المعادن. ويتمتع البلدان بعلاقات وطيدة منذ ستينات القرن الماضي، لكنها بدأت في النمو في السنوات الأخيرة، على خلفية المشهد الأمني في وسط وغرب أفريقيا؛ حيث يعوّل الرئيس الكونغولي دينيس ساسو نغيسو، على الدعم الروسي في مجالات الأمن في محيطه الإقليمي. وتعد الكونغو من الدول التي تعتمد على التسليح الروسي، وتم توقيع اتفاقيات تطوير وصيانة العتاد العسكري بين البلدين عام 2019.
بالنسبة لزيارة لافروف ليوغندا فيلاحظ أن التقارب الأوغندي الروسي اتخذ وتيرة متصاعدة مؤخراً برزت أبرز تجلياتها في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية؛ تعتبر روسيا المصدر الأول للمعدات العسكرية في أوغندا، بجانب أن هناك اتجاهًا لتعزيز القدرات الأوغندية في مجال التكنولوجيا النووية لأغراض الطاقة والأغراض الطبية والأغراض السلمية الأخرى؛ فتوجد اتفاقات بين روسيا وأوغندا لتطوير البنية التحتية النووية؛ ولدى أوغندا احتياطيات من اليورانيوم، علاوة على الاكتشافات النفطية في غرب البلاد عام 2006، ومن المتوقع أن تبدأ أوغندا في إنتاج النفط بما يجعلها واحدة من الدول الأفريقية ذات الاحتياطيات النفطية والإنتاج المستقبلي.
بالنسبة لإثيوبيا فيبدو أنه وبعد تعرض إثيوبيا للانتقادات الغربية على خلفية حرب التيجراي، واتجاه الاتحاد الأوروبي إلى تعليق دعم الميزانية، وكذلك تعليق الولايات المتحدة لقانون الفرص والنمو الأفريقي AfCFTA؛ اتجهت روسيا والصين إلى تعزيز نفوذهما، وتوفير بديل مقبول مقارنة بالغرب الذي يرهن دعمه للتنمية بشروط سياسية لا تروق للزعماء الأفارقة.
يلاحظ أن جولة لافروف لم تشمل السودان، ويبدو أن ذلك مرتبط بأوضاعه السياسية والأمنية المضطربة، على الرغم من وجود اتفاقيات ومذكرات تفاهم عديدة سابقة كان أبرزها في مجال تقنية تحويل الغازات البترولية لمواد بترولية سائلة، وهي تقنية روسية فريدة يمكن أن تمثل إضافة مهمة للإنتاج البترولي السوداني. ثم اتفاقية في مجال التنقيب عن الذهب والمعادن الأخرى، واتفاقية حول التخريط الجوي في البر وفي البحر وتقنية لإنتاج الخبز من دقيق خليط بين القمح والذرة، واتفاق حول قاعدة روسية بالبحر الأحمر.
في ظل تعليق الغرب والولايات المتحدة لمعوناتهم التنموية للسودان، نأمل استقرار الأوضاع فيه لاستعادة التعاون مع روسيا والصين، وليعود السودان للعب دوره كعنصر مهم في المنطقة، مستفيداً من موقعه كبوابة لإفريقيا وكدولة بحرية مهمة. والله الموفق.