د. عبدالملك النعيم احمد
دعوة كريمة تلقيتها الأسبوع الماضي من الفريق أول احمد إبراهيم مفضل مدير عام جهاز المخابرات العامة بصحبة عدد من الإخوة الزملاء من كتاب الأعمدة وقادة الرأي وكانت جلسة إستمرت زهاء الساعتين وهي مختلفة عن الكثير من الدعوات التي لبيناها لمسؤولين في الدولة ووجه الإختلاف هو ان الفريق أول قدم لنا الدعوة ليستمع إلينا لا ليلي لنا محاضرة كما يفعل الكثيرين ولكي نقدم له رؤيتنا في كثير من القضايا المطروحة علي ساحة الحوار والنقاش والتي لجهاز المخابرات العامة دور فيها ليستفيد مما نطرح ونقترح خاصة في تلك الظروف التي تخوض فيها بلادنا حرباً ضروساً ضد مليشيا متمردة مدعومة إقليمياً ودولياً هدفها محو السودان من الخارطة وتغيير جغرافيته وحتي مجموعته السكانية (الديمقرافية) ولكن بوجود الجيش القومي والقوات المشتركة وجهاز المخابرات العامة وبقية الأجهزة الأمنية والسند الشعبي المطلق أني لها ذلك وأصبح أمر السيطرة علي البلاد بالنسبة لها أشبه بأحلام ظلوط والجيش يتقدم الآن في كل المحاور…
كان سعادة الفريق مستمعاً جيداً لكل ما طرحه الزملاء الحضور من موضوعات جميعها مرتبطة برفع إسم السودان عالياً والفعل المبادر وليس الدفاع فقط وقد سجل كل النقاط المهمة في تلك الجلسة وأوكل مهمة تنفيذ كل ذلك للجهات المسؤولة بدعم منه وبمبادرات من الزملاء..كان تعليقه مختصرا ومؤمناً علي ماورد من ملاحظات ومضيفاً عليها بعض النقاط لما يتمتع به من خبرة طويلة بحكم إرتباطه بالجهاز لأكثر من حقبة…
من الأشياء المهمة التي لا تخفي علي متابع هو الدور الهام والحيوي الذي يقوم به الجهاز علي الصعيدين الرسمي في آداء واجباته والدور المجتمعي ضمن مسؤولياته الإجتماعية برعاية عدد من المبدعين في تلك الظريف ومساعدتهم بالقدر المطلوب وما إهتمامه بتوفير عدد من البصات لترحيل طلاب الشهادة الثانوية الا نموذجا آخراً من إلتزامه بدوره المجتمعي..
إستطاع الجهاز خلال دورة الفريق مفضل أن يعيد هيئة العمليات التي تم حلها خلال فترة رئيس وزراء الفترة الإنتقالية التي كان هدفها تحطيم المؤسسات الناجحة لتجعل السودان فريسة سهلة للتدخل الخارجي…أعيدت الهيئة بمسمي هيئة مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة وقد لعبت ومازالت تلعب دوراً كبيراً ومؤثراً في صد الاعتداء الغاشم علي السودان أمنه واستقراره ومواطنيه وأثناءالحرب التي تشهدها البلاد الآن…ولعل حل هيئة العمليات التي تم تدريب منسوبيها تدريباً عالياً ومن مال الشعب السوداني ما كان يجب أن يحدث لأنه كان أشبه بالمسرحية سيئة الإخراج بحجة أنها تمردت ليكون ذلك التمرد المزعوم سبباً في حلها تماماً كتلك المسرحية الساذجة بالإعلان عن محاولة إغتيال رئيس وزراء تلك الفترة الدكتور عبدالله حمدوك والتي شكلت لها لجنة تحقيق لم تر مخرجاتها النور إلي أن غادر رئيس الوزراء موقعه وإلي يومنا هذا مع العلم انه اي رئيس الوزراء حينئذٍ كان يسيطر علي كل الأجهزة العدلية في البلاد والمعنية بالتحقيق…
من الأخطاء التي صاحبت ثورة أبريل 1985م والشيء بالشيء يذكر والتي أنهت فترة حكم الراحل المشير جعفر نميري هي الإستجابة للدعوة والضغط لحل جهاز الأمن الوطني في ذلك الوقت وبحله أصبحت البلاد مستباحة ودفع كل الذين نادوا بحله الثمن فيما بعد..فما كان ينبغي الاستجابة لدعوة حل هيئة العمليات او هيكلة القوات المسلحة لأنها دعوات باطل اريد بها باطل…وحسنا فعل مدير الجهاز بأن أعاد الأمور إلي نصابها وحافظ علي سلامة الوطن من الإختراقات….
المعروف ان اقوي الدول التي تمارس الديقراطية نظاماً للحكم هي التي تمتلك اقوي الجيوش وأقوي أجهزة المخابرات في العالم وهي الأجهزة المعنية بحماية الحكم المدني..فكيف للحكومة مدنية منتخبة ديموقراطياً أن تستمر وتؤدي دورها ما لم تكن محمية بجيش قوي وجهاز مخابرات متمكن؟ وقد تبوأ جهاز المخابرات السوداني مكانة رفيعة علي مر الحقب بين اجهزة مخابرات الدول الافريقية( السيسا) والتي عقدت عدة إجتماعات لها في الخرطوم..
دور كبير يقوم به الجيش القومي والقوات المشتركة وجهاز المخابرات العامة والأجهزة الأمنية الأخري في هذا الظرف الحرج التي تمر به البلاد بأن يكون السودان او لايكون فلا مجال لتبني موقف حياد ابداً فالشعب كله قد إصطف مع القوات بمختلف تكويناتها والتي تحمي الوطن الآن ويقدم أفرادها أرواحهم رخيصة من اجل سيادته وعزته وكرامته …فبعد أن يتحرر الوطن من تلك المليشيات ويستعيد الأمن والإستقرار فسيكون الجميع شركاء في إدارة البلاد عبر الآلية التي يتفق عليها…