ثقيلةٌ أنت يا ذاكرةَ الحُب! في دخانك أُغنّي وأحترق. أمّا الآخرونَ فلا يرونَ فيكِ إلا لهباً يُدفئُ أرواحهم الباردة.
رسالة اعجاب إلى مارينا أوفسيانيكوفا التي تعمل محررة في القناة الأولى الروسية، ما فعلته أوسيانيكوفا فاق التصور والخيال لم يحدث قط أن اقتحم موظف حكومي البث في أي من القنوات الحكومية التي يعمل بها، فظهور تلك السيدة خلف مذيعة الأخبار تحمل لافتة كتب عليها بخط اليد “لا للحرب” يعتبر شجاعة غير عادية في ظل القمع الشديد للمعارضة الروسية. بالطبع يندرج هذا الموفق تحت بند تشويه سمعة القوات المسلحة الروسية وله ما بعده، هذا الموقف ذكرني بالشاعرة آنا أخماتوفا التي قاومت بقصائدها السرية نظام جوزيف ستالين و اقتبستُ جزء من قصيدتها في بداية و نهاية المقال… لكن ما فعلته أوفيسانيكوفا نابع من أواشج وأواصر العلاقة بين الشب الأوكراني والشعب الروسي فقد ذكرت أن والدها أوكراني ووالدتها روسية والمعروف أن هناك تاريخًا معقدًا ومتشابكًا بين هذين البلدين، فإن العديد من الأوكرانيين والروس لديهم أقارب على جانبي الحدود ولطالما ذكر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن ” الروس والأوكرانيين شعب واحد” و اما الآن فالأقارب يواجهون بعضهم البعض على الجبهة في حرب لا هوادة فيها تقضي على الأخضر و اليابس لا تبقي ولا تذر… لا أحد منا يريد الحرب عزيزتي مارينا فالضحايا هم الأطفال و الشيوخ و الأمهات و الدمار لا يرحم و الذكرى هي الموت .. تمنيت لو أن هذه اللافتة التي حملتيها بكل جرأة لا تقف على منصات الاخبار فقط، بل تصبح ناقوسا يقرع في آذان صانعي القرار… في المقابل لم يفوت الرئيس الأوكراني فولود يمير زيلينسكي فرصة شكر مارينا أوفسيانيكوفا في خطابه… لكن دعني أقول لك يا سيادة الرئيس إن مارينا لا تريد شكرًا و إنما تحقيق هدفها الذي يتمثل بلا نقصان في إيقاف الحرب.. فرحمة بالشعوب في جميع الدول التي ينام نصف اطفالها على دوي البنادق بينما ينام نصفها الاخر على أرصفة اللجوء بلا شفقة.
لا للحرب ـ أينما كانت.
فمن هنا سوف أرى شروق الشمس قبل سواي
ومن هنا سوف يزداد شعاع الشمس الأخير ألقًا
ومن نوافذ غرفتي
كثيرًا ما سوف تتغلغل النسمات الشمالية
ومن يدي سوف يأكل الحمام حبات القمح.
لندن – ١٥ مارس ٢٠٢٢