عادل الباز
1
هل تريدون أن تعرفوا من هم؟ مهلاً.. ستعرفونهم بسيماهم وتصريحاتهم ومواقفهم قريباً.. إلا أنني معني الآن بالأغطية التي يتدثرون بها، ليحقنوا جسد الوطن بسمومهم.
2
يجري التآمر الآن تحت غطاء (لا للحرب)، والثانى (الوضع الإنساني)، والثالث التهديد (بالحرب الأهلية)، والرابع (تهديد الأمن والسلم الإقليمي والعالمي).. (إعلان بايدن بالأمس).. وكلها أكاذيب كما سنرى يسعى من خلالها تحالف المتآمرين للوصول إلى غاياتهم.
رأينا كيف أن الذين يرفعون شعار لا للحرب هم من أوقدوا نارها، وعندما اشتعلت خرجوا رافعين شعار (لا للحرب)، ولكن لم تواتهم الشجاعة ليحددوا هوية من أشعل الحرب التي يودون إيقافها، دعوة في جوهرها تسعى لإنقاذ حليفهم المتمرد وقواته ليلعب لهم ذات الدور الذي كان يؤديه في تمرير أجندتهم، تحت ستار أنه حامي حمى الديمقراطية والثورة الجديد!
سقط ذلك الغطاء، ولم يعد أحد من الشعب يأبه له، إذ توحد الشعب خلف قواته المسلحة، ماعدا الفئة الباغية والعميلة المعزولة.
3
الغطاء الثاني هو الوضع الإنساني.. الغطاء المعرّف في السياسة الدولية بأنه بوابة التدخل الكبرى في سيادة وسياسات الدول.. غطاء خبيث لأنه يدغدغ الضمائر الحية ويتوسل لأجندته ببعد إنساني يصعب رفضه.. تحت ذلك الغطاء يجري العمل حالياً على محورين، الأول: تقوده المنظمات الدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة، التي أعلنت أنها بحاجة إلى مليار ونصف مليار دولار لتغطية الاحتياجات العاجلة للإغاثة، ولم تتلق منها إلا 200 مليون دولار، وهي عبارة عن وعود حتى اللحظة، الغريب فى هذا المحور أن ذات المنظمات الدولية ما أن اندلعت الحرب في أوكرانيا حتى فعلت ميزانية الطوارئ بمليارات الدولارات، ولم تنتظر وعود المانحين تأتي أو لا تأتي، وإنما بدأت عملها الإغاثي مباشرة من الحدود البولندية، ولكن في حربنا نحن ما زالت المنظمة تتحجج بانتظار المانحين، وتدعي أن الوضع الأمني متدهور مع أن البواخر تأتي بالعشرات من خارج السودان وترسو آمنة فى ميناء بوتسودان، لتحمل البعثات الدبلوماسية والفارين من الحرب.
4
المحور الثاني الذي جرى تأسيسه على عجل هو محور نيروبي تحت ستار تنسيق العمل الإغاثي، الذي لم يظهر إلى حيز الوجود بعد.. أورد الأستاذ الصادق الرزيقي في مقال له بالأمس تفاصيل اللقاء المعلن لحمدوك (أعلن نفسه منسقاً للعمليات الإنسانية ولا أحد يعرف من فوضه ومن عيّنه لتلك المهمة)!!
الحقيقة أن ذلك المحور الذي يرفع شعار العمل الإنساني لا علاقة له العمل الإنساني، إنما يمثل غطاءً لحشد التأييد الإفريقي والدولي للمتمردين، وإعادة تموضعهم في الساحة السياسية مرة أخرى، بعد اندحار مشروعهم السياسي والعسكري.
5
أوضح الرزيقي أنه في محور نيروبى يعمل راؤول ديفيد -اليهودي الذي يعمل مع الموساد و يدير مكتبه حالياً في دولة الإمارات العربية- وعمر مانيس الوزير بمجلس الوزراء، وصلاح مناع، ونجل السيد حمدوك (لا يفهم حتى اللحظة ما هي الصفة التي جاءت به إلي لقاء علي قدر كبير من الأهمية والخطورة خاصة أنه يعمل في شركة إماراتية).. أُعلن أن غرض الاجتماع ترتيب وتنسيق المساعدات الإنسانية للسودان.
يشير الرزيقي أن الغرض (من وجود كل هؤلاء هو الاجتماع الذي عقد يوم الاثنين 1 مارس 2023 بقصر الرئاسة وأداره الرئيس الكيني وليام روتو).
ويؤكد الرزيقى “أن التنسيق الفعلي للاجتماع والاجتماعات الجانبية الأخرى تمت عبر مستشارة للأمن القومي الكيني السفيرة والوزيرة السابقة (مونيكا جمعة)، التي ظهرت في صورة بعض المجتمعين مع الرئيس الكيني.. منهم حمدوك وآخرون، وتدير مونيكا حالياً شبكة علاقات دولية واسعة بالتنسيق مع الأمريكيين والبريطانيين، ومن بين اهتماماتها مستقبل الحكم والأوضاع في السودان”.
أشار الرزيقي إلى أن عدداً من رؤساء وكالات الأمم المتحدة شاركوا بجانب مشاركات عبر النقل المرئي عن طريق تطبيق (زووم) لبعض الذين تعذر حضورهم الفعلي للاجتماع، وأبرز المشاركين هم (الرئيس الكيني وليام روتو، ووزير الخارجية الكيني ألفريد موتوا، مونيكا جمعة، د. أمينة محمد وزيرة الخارجية الكينية السابقة ووكيلة الأمين العام للأمم المتحدة، مارتن غريفيث منسق الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية والمساعدات الطارئة، فيليبو غراندي المفوض السامي للاجئين، دانيال أومالي من اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وموسى فكي من الاتحاد الأفريقي- أون لاين- و فولكر بيرتس رئيس البعثة الأممية في السودان- شارك عبر الاتصال المرئي من بورتسودان- كما شارك مسئولون من الولايات المتحدة وبريطانيا ودول غربية أخرى، بالإضافة إلي عمر مانيس وزير مجلس الوزراء السابق، ولا يخفى علي أحد أن الاجتماع ليس لتنسيق المساعدات الإنسانية). انتهى
6
الهدف غير المعلن لذلك المحور هو ربط العمل الإنساني بالعملية السياسية، وبالذات الاتفاق الإطاري، وهذا ما ظهر بوضوح في خطابات بعض الدول في جلسة مجلس الأمن الأخيرة (26 أبريل 2023) وهي ذات الدول التي ترعى محور نيروبي، وهى التي دفعت بحمدوك مجدداً إلى مسرح الأحداث.. وكانت السيدة أنا يستجنيفا نائبة المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة نبهت في جلسة مجلس الأمن 26 أبريل الماضي إلى خطورة ذلك قائلة: “تم ربط عملية فك الطوق عن المساعدات الدولية الحيوية للبلاد بشكل مباشر بنقل السلطة إلى حكومة مدنية، ونتيجة لذلك وقع الاستقرار الهش في البلاد ضحية فرض مثل هذه الديمقراطية من خلال الضغط والابتزاز”.
نواصل