مواقف مختلفة وتعقيدات تكتنف المشهد السياسي في البلاد في ظل أزمة تراوح مكانها .. وحلول مجمع عليها لكنها دخلت خانة الاستقطاب وتجاذبات الأطراف..
القوات المسلحة كضامن أصيل لقضية التغيير وتحقيق أهدافها في البلاد أصدرت اليوم بيانا موجزا شكلا ومباشر مضمونا فقد حوي العديد من الرسائل التي تحتمل التأويل والقراءة .. فمن بين سطور البيان وثنايا كلماته تتضح دلالات في عدد من الاتجاهات ..
في المقام الأول البيان جدد التأكيد علي موقف القوات المسلحة وقيادتها من العملية السياسية الجارية كإلتزام ينتظر الوفاق و توسيع دائرة المشاركة .. وأعتقد أن ذلك أمرا جوهريا ولابد منه و يسهم في المزيد من تهيئة الأجواء السياسية لصالح الأمن و الإستقرار .. و مضي البيان للتأكيد بعبارات أكثر وضوحا علي موقف القوات المسلحة حول ماتم التوافق عليه في الإتفاق الإطاري واصفا الموقف ( بالتقيد الصارم والتام) مردفا : ( الذي يفضي إلي توحيد المنظومة العسكرية) وقرن ذلك بقيام حكومة بقيادة مدنية تقود البلاد فيما تبقي من الفترة الإنتقالية مع الإشارة إلي أمر في غاية الأهمية (قيام الإنتخابات) كأمر ذو أسبقية ضمن مهام الفترة الإنتقالية تتجاوزه أغلب القوى السياسية في أطروحاتها فيما ظلت تكرره القوات المسلحة دوما كديباجة تتصدر مواقفها الثابتة تجاه التحول الديمقراطي المنشود .
بالعودة إلي ما أثاره البيان بعبارة التقيد الصارم التام فيما يتعلق بتوحيد المنظومة العسكرية سياق البيان مقرونا بما صرحت به قيادة القوات المسلحة في الفترة القريبة الماضية ( البرهان .. كباشي .. العطا ) يقود إلي أن المقصود رؤية الجيش فيما يلي دمج قوات الدعم السريع كشرط أساسي للمضي قدما في إنفاذ ماجاء في الإتفاق الإطاري ومن خلال هذه الإشارة يتضح أن القوات المسلحة أرادت قطع الطريق أمام مواقف أخري رهينة بذلك ربما تدار خلف الأسوار وداخل الغرف في ظل حالة الإستقطاب التي تمارسها بعض القوى السياسية علي الرغم من إجماع كافة الأطراف الموقعة علي الإطاري علي توحيد المنظومة العسكرية ولكن علي طريقتها التي تحتمل المزايدة والتكسب السياسي .. وهذا الفهم لعله مغاير لما يراه الكثير من المراقبين والمحللين بأنه تعقيد للمشهد السياسي بقضية كان يمكن أن تحسم في إطار عسكري بحت ..!! لكنه وفقا للحيثيات يظل هو الإتجاه الصحيح.
وأختتم البيان بتأكيد المؤكد اصلا وعبر عن موقف اعتقد أنه ليس جديدا لكنه مثار لغط سياسي كثيف حول التشكيك في رغبة القوات المسلحة في الخروج من العملية السياسية برمتها وإستكمال التغيير واصفا ذلك بالمحاولات المكشوفة للتكسب السياسي ومضي في اتجاه لا يجانبه المنطق في وضع كثير من مواقف تلك القوى المعنية في خانة عرقلة مسيرة الانتقال والتكتيك السياسي لكسب الوقت لتحقيق اهداف لا تقود إلا لسد المنافذ علي الوفاق وتجيير التغيير بغية الإستئثار بالسلطة بعيدا عن رغبة الشعب .
خلاصة الأمر ..بيان الجيش ربما كان تمهيدا لأمر ما .. تريبات .. إجراءات .. قرارات .. مواقف وهذا ما ستسفر عنه قادمات الأيام ..