معلوم أنه بعد بيان القائد العام للقوات المسلحة في 25 أكتوبر 2021 أعلنت المؤسسات المالية الدولية والولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوربي إيقاف التمويل التنموي الذي كان من المفترض انسيابه للسودان خلال الفترة من 2021 الى 2024.
لخصت مذكرة المشاركة مع السودان CENالتي توافق عليها البنك الدولي مع حكومة السودان في أكتوبر 2020 قيمة ومجالات هذا التمويل، حيث خُصص مبلغ 780 مليون دولار للكهرباء، 575 مليون دولار للري والزراعة وحصاد المياه، 300 مليون دولار للصحة والتعليم، 100 مليون دولار لمشاريع ريادة الأعمال للمرأة والشباب، 820 مليون دولار لبرنامج إعانة الأسر السودانية (ثمرات)، 100 مليون دولار لمواجهة جائحة كورونا.
كان من المنتظر أن يشكل هذا العون التنموي الضخم وجملته 2675 مليون دولار فرصة لاستعادة النمو الإيجابي للاقتصاد السوداني، وبالتالي تحسين مستوى دخل الفرد، وخفض عدد السكان تحت خط الفقر.
بتجميد هذا العون لجأت وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي لزيادة الإيرادات العامة من خلال التحصيل الضريبي والرسوم الحكومية. وهذا سلاح ذو حدين، فمع جمود الاقتصاد، وانحسار الإنتاج، لن تتمكن الشركات والمقاولات وأسماء الأعمال من سداد الضرائب المتصاعدة، وسوف ينحسر الاستهلاك بسبب قلة الدخول فتتأثر إيرادات الجمارك والضريبة على القيمة المضافة بسبب ضعف الاستيراد. فما هي الحلول المتاحة في الحالة هذه؟
يعتقد أنه من الضروري التوجه نحو حشد الموارد الداخلية والوطنية. ولتحقيق هذا الهدف يجب التخطيط لبرنامج واقعي وفعال يستهدف تحريك جمود الاقتصاد وزيادة الإنتاج. إن ودائع قطاع الأعمال والقطاع العائلي في النظام المصرفي السوداني لا تتجاوز 5 مليار دولار، بالطبع لا يتصور توظيفها كلها للتنمية، لكن يمكن حفز جزء مقدر منها للدخول في دائرة الإنتاج عن طريق سياسات اقتصادية فعالة تستهدف في المقام الأول القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني.
يعد القطاع الزراعي القطاع الرائد والمحرك لاقتصاد السودان. على الرغم من إنه لا يحتل موقع الصدارة من حيث المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي. إذ تشير احصاءات وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي الى أن القطاع الزراعي أسهم بنحو 21.1% من الناتج المحلي الاجمالي في العام 2020، بينما كانت مساهمة القطاع الصناعي 21.4%، وقطاع الخدمات بنسبة مساهمة 57.5% لنفس العام.
ويعود السبب في اعتبار القطاع الزراعي الرائد والمحرك للاقتصاد في السودان بسبب أن هذا القطاع يستوعب 75% من القوى العاملة، ويعيش عليه أكثر من 65%من السكان. في العام 2020 أسهم القطاع الزراعي بنحو 57.9% من حصيلة الصادرات من النقد الأجنبي الذي بلغ 3802.6 مليون دولارا أمريكياً.
في حين شكلت صادرات قطاع الثروة الحيوانية حوالي 29.6% من الصادرات خلال العام 2015 انخفضت الى 14.2% خلال العام 2016 وعاودت الارتفاع الى 21.7% خلال العام 2017 وانخفضت الى 18.4% في عام 2018 ووالت الانخفاض الى نسبة 17% من حجم الصادرات الكلية في العام 2019 وانتهت الى نسبة 11.4% خلال العام 2020.
في التجربة البرازيلية قام مؤسس الاقتصاد البرازيلي الحديث دي سيلفا بمنح أراضي زراعية واسعة لشركات وطنية ورجال اعمال وطنيين مقابل فرض ضرائب كبيرة عليهم، نجحت السياسة ونما الاقتصاد الزراعي البرازيلي بطفرات واسعة. هذه واحدة من السياسات المقترحة. ونواصل.