اسامة عبدالماجد
¤ يتطلب الوضع السياسي المتأزم في البلاد ان نكون أشد وضوحاً.. يجب التعامل مع تعقيدات الاوضاع وتشابكها بتجرد بعد الخراب الشامل الذي احدثته المليشيا المارقة.. والذي ستتضح معالمه بعد انتهاء الحرب بسحق التمرد.. من خلال دمار الاستثمارات وتعطيل تقديم الخدمات.. وافقار المواطنين خاصة في ولايتي الخرطوم وغرب دارفور بنهب كل اموالهم ومدخراتهم.
¤ في قراءة فاحصة للاوضاع الراهنة.. فان المرحلة المقبلة تستدعي عدم اقصاء احد ولو كانت قحت.. التي تسببت بشكل مباشر في الحرب.. ورغم اصرارها على التعبير عن نمط علاقتها المشبوهة مع المليشيا والذي فيه خلل كبير وعدم وطنية.. حيث تطرح رؤية فاسدة تنتقد الجيش وتزعم ارتكابه خروقات وتحمل النظام السابق بشاعة افعالها وفشلها في الحكم.
¤ لكن لماذا لا يتم اقصاء اي طرف ولو كانت قحت او الحزب الشيوعي.. والذي كان جزءا من حكومة قحت وعارضها.. ربما داء المعارضة يصيب كل الشيوعيين في انحاء العالم.. في تشيلي بامريكا الجنوبية، كان الشيوعي جزءا من تحالف الحكومة.. بل هو من جاء بالرئيس غابرييل فالديس لكن عارضوه.. وما كان منه الا حظر الحزب في الاربعينيات لسنوات.. وكذلك تم حظره وحله في السودان في نوفمبر 1965.. وتم طرد نوابه من البرلمان.
¤ وتم حظر الحزب الشيوعي في اوكرانيا بقرار من القضاء بعد اتهامه بدعم الحركة الانفصالية الموالية لروسيا.. لكن ظل الشيوعيين موجودين في المسرح السياسي التشيلي.. حتى انهم جاءوا بالرئيس الحالي الناشط الطلابي اليساري غابريال بوريك اواخر 2021.. وذاع صيته في العالم لحظتها.. كونه اصغر شخص يتولى رئاسة تشيلي (35) عامًا.. لا سيما وان الحد الادنى للترشيح للانتخابات الرئاسية 35 عامًا.
¤ الدعوة لعدم اقصاء احد حتى لا تتكرر المأساة التي خلفتها قحت، تعاملت برعونه.. وهددت الامن القومي بالنظر دوماً الى مصلحتها الذاتية.. اخطر افعالها انها خلقها حالة من عدم اليقين السياسي قامت على انتهاج سياسة الإقصاء المدمرة.. وخسر السودان جراء ذلك أضعافاً مضاعفة.. واعتمدت قحت هذا النهج بشكل مؤسسي وخبيث.. زرعت روح الاقصاء وغرستها في الدستور (الوثيقة الدستورية).. قالت (عدا المؤتمر الوطني وكل من شاركة السلطة حتى لحظة سقوط النظام)..
¤ لا توجد جهة صاحبة ثقل حقيقي وكبير.. انتهت قحت في الشارع.. وارتفعت أسهم الاسلاميين بعد حملهم للبندقية ومعاونة الجيش لدحر الباغي الشقي.. لكن صراعاتهم الداخلية وتفشي الحسد السياسي – إذا جاز التعبير – فيما بينهم لن يمكنهم من الوقوف بصلابة..
¤ حسنا.. يكمن الحل في مشاركة الجميع من اقصى اليمين الى اقصى اليسار.. الا من ابى.. الكتل الموجودة الان قحت بجناحيها المركزي والكتلة الديمقراطية، نداء السودان، المبادرة السودانية.. وهناك اطراف مهمة مثل حزب الامة بقيادة مبارك الفاضل والمؤتمر الوطني واخرين.
¤ لكن يجب قطع الطريق على الخونة والمارقين من انصار مليشيا حميدتي حتى لا يحجزوا لهم مقعدا في التشكيلة السياسية.. لانها حركة متمردة حاملة للسلاح.. الوضع الامثل مستقبلا تشكيل مجلس عسكري الى جانب مجلس وزراء.. تقوم باختياره كل القوى السياسية دون استثناء.. والافضل ان يكون رئيس الوزراء (لاعبا) من خارج (النادي السياسي) ويتمتع بمقبولية.. وان يكون شخصية معروفة.. تكفي خيبات حمدوك.
¤ تتشكل حكومة على النسق اعلاة ولمدة عامين.. وان لا نخدع انفسنا بالدعوة لتاسيس برلمان، في ظل حكومة طوارئ.. ويمكن للمجلس العسكري ومجلس الوزراء اجازة الموانة.. مهمة الحكومة الارتقاء بتحسين مستوى المعيشة.. ولا نقول تحقيق انتعاش اقتصادي بجانب السعي لإعمار مادمرته الحرب على الاقل في الحد الذي يمكن من تسيير دولاب عمل الدولة والترتيب للانتخابات.. وان تعمل الحكومة بدستور 2005 الذي تم تصميمه بواسطة مشاركة واسعة من القوى السياسية حينذاك.
¤ ومهما يكن من امر.. سندور في حلقة مفرغة لو تم حصر النفوذ السياسي لمصلحة جهة او جهتين واقصاء اخرين.. خاصة بعد الحرب التي اشعلتها مليشيات حميدتي في سعيها للاستيلاء على السلطة بالقوة.