عندما خرجت جموع أبناء الهوسا بالخرطوم احتجاجًا على ما حدث في ولاية النيل الأزرق لم يتوقع أحد أن تنتهي المسيرة الحاشدة بسلام دون أن تدون الشرطة بلاغات بالتخريب ضد مجهول،ودون أن تسجل لجنة الأطباء المركزية في دفاترها ارتقاء شهيد.
المسيرة التي سلكت شارع المطار قد يتفوق عدد المشاركين فيها على مجموع قواعد عدد من الأحزاب الكبيرة بالخرطوم .لكنها كانت منظمة بطريقة لم تحدث أي أضرار لا على الشارع ولا على المواطنين بتوقف أعمالهم .ولا على حركة المطار.
لم يلجأ المحتجون من أبناء الهوسا إلى استفزاز الشرطة برغم إطلاق الغاز المسيل للدموع .ولم نر لساتك محروقة ولا انترلوك اقتلع من الشارع للتتريس وإغلاق الطرق أمام المارة وحركة سير العربات.
هتفوا ضد الظلم وضد حكومة الولاية. أرسلوا رسالتهم للسلطة المركزية ثم رجعوا لمواصلة أشغالهم وأكل العيش .
بعض الولايات مثل كسلا والقضارف شهدت أحداث تخريب لكنها لا تخرج من حالة الهياج والغضب من مقتل أكثر من مائة شخص وجرح أكثر من مائتين وتشريد ونزوح نحو 15 ألف مواطن .
شعب الهوسا المنتشر في عدد من الدول الإفريقية .وفي عدد من ولايات السودان شعب مسالم ولا يلجأ للحرب .يهتمون بالإنتاج والعمل في الزراعة والصناعات الصغيرة والحرفية،اليوم وأمس أتي كثير منهم إلى قيادة الفرفة الرابعة وتسليم سلاحهم،وقالوا إنهم ليسوا دعاة حرب ولا يعرفون كيف يستخدمون السلاح .وإن من سلحهم هي الحركة الشعبية بقيادة مالك عقار.
الفتنة التي حدثت الأيام الماضية جنوب شرق النيل الأزرق وأحدثت هذه الحرب القبلية لا تنفع معها الطريقة التي أدار بها المركز عملية الحل .تكوين لجنة من النائب العام ما هي إلا من باب ذر الرماد في العيون .فهي ذات الطريقة المتبعة في إدارة الأزمات في دارفور ومناطق كردفان والشرق .لم يكن لها مردود ولا نتائج بتقديم المتورطين بحوادث القتل ولا المحرضين إلى ديوان العدالة .ولم يحدث خلال التاريخ الطويل لأعمال العنف والقتل القبليأن شهدنا محاكم ولا أحكام.
أبناء الهوسا في الخرطوم علمونا درسًا في كيفية الاحتجاج السلمي.
من المهم القضاء على شرارة الفتنة وإلغاء الترتيبات التي قام بها مالك عقار لتغيير هيكل الإدارة الأهلية في النيل الأزرق.وإيقاف قرار تنصيب أحد أفراد قبيلته ناظرًا لعموم قبائل النيل الأزرق .
معلوم أن النيل الأزرق من المناطق الغنية جدًا بالذهب والكروم والمعادن الأخرى، لذلك دخلت جهات دون أن تظهر بصورة واضحة لتأجيج المنطقة،وإقحام قبيلة الهوسا ذات الثقل الإثني لكي تكون في واجهة الأحداث،وتظهر المشكلة وكأنها أحداث لصراع قبلي.
على الحكومة المركزية أن تضع الحل قبل استفحال الأمر أكثر مما هو عليه الآن.
//