
فى الوقت الذى كان فيه المسلمون فى مشارق الأرض ومغاربها يقضون ليلتهم الأولى من العشر الأواخر فى العبادة والطاعة والصلاة والتلاوة والذكر والدعاء والصدقة والصلة وفعل الخيرات إبتغاء الفضل والظفر بليلة القدر التى تتغير فيها الأقدار كان أبطال السودان الذين تركوا وراءهم ظهريَّاً كل همومهم الخاصة وحَمَلوا معهم مايمتلئ به وجدانهم من حُبٍّ لتراب الوطن وعَجَنوا أشجانهم وآمالاهم بالرضى التام لأقدار الله يَتحرَّون النصر فى ليلة القصر بسلاح الشهادة التى أضاءت الطريق فمنهم من نال نصر الشهادة وهو يبتغى للأمة النصر بالشهادة .. وانتصر الدم الغالى على البندقية الوضيعة وتغيرت معادلات الكفيل بعد أن إختلَّت موازين المعركة على الأرض ، ومنهم من وعد فأوفى وأنجز فى ليلة القصر وما قبلها من ليالى الأُنس فى ساحات الفداء فرُبَّ نيُّةٍ صادقة جبرت كسور البسطاء من أهل بلادى وعوَّضت نواقص الدولة وعوار جهازها التنفيذى ، ورُبَّ ثباتٍ أثمر نصراً ..!! وأوشكت شمس المليشيا وكل القوى الإقليمية التى من خلفها على المغيب ثم التوارى خلف الحجاب بعد أن سطعت شمس الضُحى والجهاد فى سبيل الله والوطن ( التى تَذَرُ المليشيا المنكدرة شواخصاً إذ تَسطَعُ ) .. وبُهِتَ إلههم الهالك بتلك الإنتصارات الباهرة لأبطالنا وأيقن أنه لو كان يعلم الغيب ما لبث فى الوهم المريب وما أهلك أهله وعشيرته الذين ينتظرهم التيه فى صحارى أفريقيا بعد إقتلاعهم من أرض السُمُر كما تاه بنى إسرائيل أربعين سنة ..!! وهو الذى الذى أعجبته قوته فخرج ذات فُسحةٍ وسَكرةٍ بالسلطة والمال والرجال إلى قومه ليبشرهم بدولة العطاوة والمملكة العطوية الجنيدية فتركهم سُكارى تحت تأثير الوهم العابر لحدود المنطق والإمكان ليداعب خيالهم بُكرةً وعشيَّة . !! ولكن أمله قد خاب ولم يَعُد فى خزائنه سعة للوعود ولا مدخلاً للأوهام ، فلم تجد نار حقده ما تأكله سوى صدور أشاوذه الذين أفرغوا خزائن الدولة وممتلكات أهلها ومدخراتهم لصالح أم قرون التى يتغشاها كل ضيف زائر فتحمل فى أحشائها فى كل غدوة أو روحة نبتة مسمومة ونطفة قذرة تخالط أمشاجها وتمتزج به ويتخلق منها كائناً دون مرتبة العجماوات وفوق مردة الشياطين فجابوا البلاد وأكثروا فيها الفساد كأعظم بلاء وأقسى إبتلاء كدنا معه أن نؤمن بإصابة سوداننا بالعقم القُيَمى وتوقفه عن إنجاب الأبطال العظماء بعد إن إرتقت المليشيا مرتقىً صعباً وتصدرت المشهد العام .. !! ومن ثمَّ تدحرجت كرة الحريق عابرةً للولايات وإستَحرَّ القتل حتى أضحت أُمنيات البسطاء من أهل السودان وآمالهم أن يجدوا شِبراً فى المقابر ، وأن يجدوا من يوارى سؤاتهم .. فكان من الطبيعى هذا السهر من جموع الشعب السودانى بالداخل والخارج حتى مطلع الفجر وهم يتابعون بطولة دورى الأبطال من القوات المسلحة والإحتياطى المركزى وهيئة العمليات وكل المستنفرين الصاديقين فى محيط القصر الجمهورى التى كانت تضحياتهم تتقلب على نار هادئة تقليباً بديعاً أظهرت معادنهم النفيسة ويستحسنون مواقف العز والشرف ..!! وكان من الطبيعى جَيَشَانْ تلك العواطف التى إنتظمت مواقع التواصل الإجتماعى وهى تفوح منها رائحة الوطنية والإنحياز لتراب الوطن .. فيأيها الشهداء وأيها الأبطال إنكم شهود صدق بعزيمتكم القوية وإرادتكم الفولاذية فقد أثبتم إنقيادكم لله تعالى وتعبدكم له ببذل الدماء والأرواح ، وإجهاض الجنين الحرام الذى إلتصق برحم القوات المسلحة الطاهرة النظيفة وإنتشالكم لهذا الوطن من بئر الخيانة والغدر ، وإخراجه من بحر الإحراج التأريخى الذى كاد أن يغرق فيه بحماقات صبية آل دقلو ومرتزقتهم ..!! أمَّا أنت يا قصر الشوق سوف نبنيك بغلاوة الريد ومحال إنت تتهدَّ .. وسوف يرفرف العلم على ساريتك .. وأهى أيام وتتعدى ونرجع تانى لابد ..!!
حفظ الله بلادنا وأهلها من كل سوء .
✍🏼 لواء شرطة (م) :
د . إدريس عبدالله ليمان
الخميس ٢٠ مارس ٢٠٢٥م