فيما أرى / عادل الباز

الشمول المالي: لماذا؟ وكيف؟ وبأي اتجاه؟ (3)

عادل الباز


1
“الشمول المالي هو العملية التي من خلالها يتم تمكين جميع فئات المجتمع، خاصة الفئات الضعيفة والمهمشة، من الوصول إلى الخدمات المالية الرسمية (مثل الحسابات البنكية، التمويل، التأمين، الادخار، والدفع الإلكتروني) بأسعار مناسبة وبشكل آمن.”
2
في الحلقة السابقة استعرضت ما جاء في ورقة الدكتور خالد الندوة التي طرحها فى ندوة بورتسودان. اليوم ننظر في الورقة التي قدمتها دكتورة عسجد الكاظم في ذات الندوة بعنوان (توحيد منصة الدفع اليكترونيك خطوة نحو التحول الرقمي والشوالي الماضى). اختارت الدكتورة أن تنحى منحى عملياً، ملقية الضوء في بداية الورقة على الآثار الكارثية للحرب على البنك، مشيرة إلى أن 70 من المصارف أغلقت فروعها العاملة في البلاد وقالت إن 121 فرعاً من البنوك تعرضت للنهب الكامل وتدمير مبانيها ونهب معداتها، كما توقفت خدمات الدفع الإلكتروني.
3
ركزت عسجد في ورقتها على أهمية الخدمات المصرفية الإلكترونية في بلد كالسودان، وقالت إنه لا يمكن إحداث شمول مالي دون خدمات إلكترونية فعالة ومحدثة. وأكدت أن فرص نجاح خدمات الدفع الإلكتروني واسعة، مشيرة إلى أن نسبة الشباب التي تشكل غالبية السكان وهم من يجيدون استخدام التكنولوجيا، ويزيد اعتمادهم عليها. وأشارت إلى إمكانية توفر دعم رسمي محلي ودولي لتطوير البنية التحتية الرقمية لتعزيز الأنظمة التكنولوجية والرقمية في الدولة. لافتة النظر إلى برامج البنك الدولي لدعم التحول الرقمي في الدول النامية. إضافة إلى برامج الاتحاد الأوروبي والمبادرات المشتركة connecting africa نموذجاً.
4
تقترح دكتورة عسجد في ورقتها المذكورة أعلاه منصة دفع إليكتروني موحدة، وتقول (منصة دفع إليكتروني موحدة هي المفتاح لتحول اقتصادي عظيم في السودان حين يمكن أن تسهم في تعزيز الشمول المالي، توحيد الجهود المصرفية وتسهيل التحويلات المالية، ودفع عجلة التحول الرقمي).
تقدم عسجد في ورقتها نموذجاً عملياً للمنصة الموحدة والتي أطلقت عليها إسم (سدد SSD) تهدف إلى تعزيز الشمول المالي بمعنى توفير الخدمات كافة الشرائح السكانية في المناطق الريفية النائية، وأوردت في هذا الإطار عدة نماذج لمنصات موحدة في أفريقيا (كينيا/مصر) كما تهدف لتقليل الاعتماد على الكاش في المعاملات اليومية والرسمية بتسهيل جمع الإيرادات الحكومية وتحسين كفاءة الأداء الاقتصادي. وتحويل الأموال ودفع الفواتير والتكامل مع شتى القطاعات (نقلتعليم/تجارة الكترونية).
5
نموذج المنصة الموحدة التي تقترحها دكتورة عسجد يمكن استخدامها على تطبيقات الهواتف الذكية ولكن ميزته الكبيرة إنه يمكن استخدامه من خلال خدمات الرسائل النصية للهواتف غير الذكية وبدون حاجة للاتصال بالانترنت على USSD Unstructured Supplementary Service Data، ويُترجم إلى العربية عادةً بـ خدمة البيانات غير المُنظَّمة المُضافة.
ويمكن أيضاً تمكين المستخدمين من دفع معاملاتهم من خلال باركود (QR) Quick Response Code ويُترجم إلى العربية بـ رمز الاستجابة السريعة. يُستخدم كثيرًا في تطبيقات الدفع الإليكتروني، الشمول المالي، التسويق، وتسهيل الوصول إلى المواقع أو المعلومات.
6
في الحلقتين الماضيتين حاولت تخليص الورقتين وهما ورقتان جديرتان بالحوار حولهما إذ أنهما يرسيان أساس الموضوع لنقاش عميق ومهم حول موضوع التحول الرقمي والشمول المالي. نعود في الحلقة الرابعة من هذا المقال للاشتباك مع الورقتين وتقديم إضاءات ونماذج وتجارب في التحول الرقمي والشمول المالي وما ينبغي أن نركز عليه، إضافة إلى إلقاء نظرة للمنصة التي تقترحها د. عسجد كمدخل صحيح وحاسم في موضوع الشمول المالي في السودان.

نواصل

اترك رد

error: Content is protected !!