في دار الشرطة قبل حوالي أسبوعين تم عقد ورشة عمل حول الاعلام الشرطي، من خلال الورشة طرح وزير الداخلية المكلف مدير عام الشرطة الفريق أول عنان حامد فكرة إنشاء الشرطة المجتمعية، بعض الإعلاميين وعدد من الناشطين طفقوا يتحدثون حول أن هذه محاولة لإعادة الحياة لشرطة النظام العام، وقاموا بالربط ما بين حملات عادية تقوم بها الشرطة بطريقة روتينية كل يوم، وبين فكرة الشرطة المجتمعية، فأحدثوا تشويهاً ابتعد بالموضوع عن الجانب المهني لأبعاد سياسية أعتقد أن الوزير المكلف لم يقصدها.
بعض خبراء الشرطة والأمن كتبوا لي مشيدين بالفكرة الأساسية، وطلبوا توسيع الرأي والمشورة حولها لتخرج مفيدة للمجتمع الذي يعاني الآن من انفراط أمني كبير.
السيد العميد شرطة (م) جعفر سيد أحمد يرى (استدعاء عصارة خبرة من افنوا زهرة شبابهم في خدمة الشرطة، لذلك يجب عمل اطار نظري، وهو خطة المشروع والتي تتضمن: تسمية الاهداف تفصيلا، من المعني بالأهداف، من المنفذ للأهداف، وسائل التنفيذ، كيفية التنفيذ، متي يبدأ عمل المشروع ككل و كعمل يومي، ما هو شكل الدعم وتفصيلاته الذي يمكن ان تقدمه رئاسة الشرطة ووزارة الداخلية للمشروع.
بعد التنفيذ قد يكون من المناسب، وبصفة دورية، اقامة ورشة لمراجعة الخطة، تضم مديري الشرطة المجتمعية في المحليات ونوابهم، ويجب تحديد جهة محايدة من قبل الوزارة لمراقبة تنفيذ الخطة، ويتضمن ذلك رصد وتحليل معدلات الجريمة من حيث العدد والموقع الجغرافي والنوع الي اخره، قبل وبعد تنفيذ المشروع، لتقييم التجربة عموماً.
أما الفريق شرطة الفاتح التجاني فإنه يرى (لا بد من إطار نظري theoretical framework اشبه بالدراسة البحثية، تطرح فيه المشكلة والهيكل الذي يمكن أن يتبنى أو يدعم نظرية الدراسة البحثية، كما يقدم وصف للحالة التي توضح مبررات المشكلة البحثية).
وقد أشار الفريق الفاتح التجاني للتجربة الرائدة التي قادها اللواء شرطة (م) عطا محمد عبد الله حيث جعل من رجالات أحياء منطقة الأزهري أصدقاء لقسم شرطة الأزهري غرب، يقدمون الدعم ويتابعون الأداء. لقد أصبحوا كالأهل لضباط وضباط صف وأفراد الشرطة في ذلك القسم، يشاركونهم حتى مناسباتهم الاجتماعية. إنها تجربة تستحق أن تحتذى.
أما العميد شرطة (م) حسن دفع الله الخبير الأمني السابق بالسودان والامارات فقد قال (الشرطة المجتمعية من حيث الفكرة والأهداف لا غبار عليها بل هي قد أضحت إحدى المتطلبات الضرورية لحماية وصيانة المجتمع من أنشطة الجريمة، وهناك الكثير من التجارب الناجحة في محيطنا الإقليمي.
ولكن بالمقابل، نحن لدينا نظام سياسي يمثل امتداداً للنظام المؤدلج الذي استغل الشرطة أسوأ استغلال، وأنشأ من قبل تجربة شائهة للشرطة المجتمعية، وتم تجيير تلك التجربة لخدمة مصالح التنظيم الإسلاموي، واستخدامها كأداة للتنكيل بالمعارضين والتشهير بهم .ويبدو من المؤكد أن تجربة الشرطة المجتمعية بأهدافها الحقيقية لن تجد طريقها للنجاح لأسباب تبدو بديهية ).
تعليق: أرى أن تستصحب رئاسة الشرطة كل الملاحظات والأفكار، لتخرج التجربة بأقل قدر من العيوب. والله الموفق.