اسامة عبدالماجد
¤ شهدت منطقة البحر الاحمر الأيام الماضية عمليات عسكرية وغارات جوية نفذتها الولايات المتحدة وبريطانيا.. ضد أهداف مرتبطة بالحوثيين في اليمن.. وهي المرة الأولى التي يتم فيها تنفيذ هكذا هجمات والتي جاءت رداً على استهداف الحوثيين السفن الإسرائيلية أو المتجهة إلى إسرائيل رداً على الجرائم الوحشية التي ظلت ترتكبها اسرائيل في حق الفلسطينيين.. ان تصاعد الاوضاع اقلق المملكة السعودية.. وهي محقة في ذلك، وعبرت عنه صراحة في بيان لخارجيتها.. شددت من خلاله على اهمية أمن واستقرار منطقة البحر الأحمر.
¤ لكن على الضفة الاخرى – الشواطئ السودانية – هناك ماقد يهدد امن واستقرار الشقيقة السعودية وهو وجود مليشيات حميدتي.. تبا لبطانة السوء من حوله ممن كانوا يطلقون عليه لقب (الامير).. وهو قد صدق تلك الاوهام.. قد يختلف معنا البعض بحجة ان مليشيا حميدتي الاجرامية، تدافع عن ارض الحرمين الان.. ولكن هذة الخطوة تحت قيادة الجيش السوداني واشراف الجيش السعودي.
¤ ان الخطر الذي يشكله تمرد الباغي الشقي بمحاولته الاستيلاء على السلطة بالقوة على السعودية كبير.. لأنه تم بدعم خارجي، وحميدتي خير من ينفذ سياسة اسرائيل واخرين في المنطقة، الرامية.. واحدة من الأهداف الاستراتيجية لهم السيطرة على موارد الدولة السودانية.. وفي مقدمتها الموانئ السودانية.. وفرض النفوذ واحكام السيطرة علي الممرات المائية.
¤ وقد شرع قائد المليشيا في تنفيذ تلك الاجندة منذ فترة.. عندما قام بتاسيس قوات بحرية وبدأ في التغلغل في مجتمعات شرق السودان.. وتابط ملف اتفاق سلام الشرق الموقع بجوبا.. لكن فيما يبدو ان تحركه شرقا جعل الرئيس البرهان يتخذ موقفا متشددا حياله.. بقطع الطريق امام تشكيل قوة بحرية بدا فعلياً في استجلاب عتادها.. وواقع الحال يؤكد ان حميدتي وعصاباته والمرتزقة الذين برع في استجلابهم مشروع قرصان بحري كبير.
¤ لا يخالجني ادنى شك ان كبح جماح المليشيا شرقا وابعادها عن مياة البحر الاحمر، تم بنصيحه سعودية.. ونزجي لهم عظيم الشكر والامتنان.. لانه لم نكن سنجد عاصمة بديلة مؤقتة في بورتسودان.. ان المملكة اكبر دولة مطلة على البحر الأحمر في محوره الشرقي.. وتملك أكبر ساحل بحري محاذٍ للبحر الأحمر الحيوي في عمليات الإمداد الدولية.. و(الاحمر) يشكل عمقاً استراتيجياً لها.. كما ان اضخم المشروعات الاستثمارية مثل (نيوم) – وياله من مشروع ينفذه الامير الشاب محمد بن سلمان وياله له من امير – بحق وحقيقة – وغيرها من المشروعات ينتظر ان تحلق بالمملكة عاليا وهي تستشرف المستقبل بعمل مذهل (رؤية 2030).
¤ ان حربا بدأت تظهر في السنوات الاخيرة ممثلة في حرب الموانئ والسيطرة على الممرات البحرية.. ولذلك نلحظ الوجود المكثف للدول الغربية والولايات المتحدة في البحر الاحمر.. مما جعل منطقة صراع، ولعل السعودية تدرك التحديات التي تجابهها.. ولذلك كانت الزيارة التاريخية لوزير الخارجية السعودي الامير فيصل بن فرحان للخرطوم اواخر 2020 .. واشادته عقب لقائه البرهان، بموقف السودان ومشاركته في عاصفة الحزم، واشار تامين البلدين على التعاون المشترك فيما يلي أمن البحر الأحمر.
¤ رد السودان التحية، للمملكة – التي تستحق وبقيادة خادم الحرمين الشريفين كل تقدير – باستجابته للمطلب السعودي بالانضمام لتحالف الدول المشاطئة على البحر الأحمر وخليج عدن، في مايو 2022 الذي يضم الى جانبه والسعودية كلا من (مصر، الاردن، اليمن، جيبوني والصومال).. وكنت كتبت في هذة المساحة عن قرار الانضمام. وطالبت الرئيس البرهان ان نجني ثمار الانضمام – ولا نوقع (شيكا على بياض).. سيما وان موقع بلادنا الحيوي يجعلها افضل حليف لاي تكتل عسكري وسياسي معني بتامين البحر الاحمر.. ولا ننسى سعي روسيا اقامة قاعدة عسكرية في شواطئ السودان.
¤ ومما يحسب للبرهان تفهمه لحساسية الامر.. ولذلك اصدر قراراً صائباً، بتحويل ملف المناطق البحرية والجرف القاري الى وزارة الدفاع بعد ان كان يدار بواسطة مفوضية الحدود – التي كان حميدتي يوليها اهتماما خاصا، وحسنا فعل البرهان باقالته رئيسها مؤخرا.
¤ ان المملكة بقيادة خادم الحرمين وولي عهده رسمت سياسة خارجية ذكية.. كان واحد من مخرجاتها اعادة العلاقة مع ايران.. وجذب الاستثمارات العالمية واستجلاب كبرى الشركات الى الرياض.. ينبغي في هذا السياق ان تنظر للسودان بشكل مختلف.. وان تعاونه وبشكل كبير في موضوع عصابات حميدتي.
¤ ومهما يكن من امر.. ان حميدتي (اراجوز) يحركه (كبار) لايستهدفون السودان فقط بل تشمل حملتهم محاربة السعودية التي لانقبل فيها.. وينبغي ان لا تقبل للسودان وشعبه مايتعرض له على ايدي المليشيا الارهابية.