كنت انتظر حتى نهاية مسلسل ود المك والمسلسلات الاخرى ومن ثم الكتابة عنه وعن الاخريات.حيث من ابجديات النقد بل ومن ابجديات العدالة بمفهومها الاشمل ان تقول قولك بعد ان يكتمل ما تريد القول عنه.فى الدراما وبحكم تطور الاحداث فيها ومن ثم الشخصيات يصعب ان تصل الى نتائج دون النظر الى علاقات الاحداث وتشابكها ففى مسلسل ود المك لا يمكن ان تتحدث عن شخصية او عن حدث درامى دون النظر الى موقعه فى المسلسل كله فعلى سبيل المثال لا يمكن الحديث عن شخصية ( شيخ الرفاعى ) دون الحديث عن شخصية شيخ حسن وعن مرتادى المسجد الذى يؤمه شيخ الرفاعى ولجنته، بل دون الحديث عن ثيمة الدين موقعها فى المسلسل والدين الذين اعنيه هنا ليس دين ( الشيوخ العلمانيين ) المرتعبين الان الذين يملؤون الاسافير ضجيجا.هؤلاء الشيوخ اصحاب العلمانية الفجة لا يرون الدين ولا يتمثل لهم الا عبر من يسمون انفسهم ( العلماء ) اى ” الكهنوت ” من ائمة المساجد واصحاب العمائم فهم مثلا لا يرون دينا لشيخ حسن المتدين المقابل لشيخ الرفاعى والرافض لطريقته فى الدعوة ولسلوكياته مع اهل الحى ومع اسرته ولا يرون دينا لرواد المسجد وللجنته التى ترفض ان يؤمها امثال شيخ الرفاعى وعبر الحوار والنقاش ولا يرون تدينا يستبطنه حوار الشخصيات الاخرى فى المسلسل كالذى يتبدى فى حوار زوجة الرفاعى وبناته او فى سلوك بطل المسلسل صابر ( زول ثقيل ) الذى وفى الحلقة الاولى يذهب الى المسجد ويصلى الفجر حاضرا تحفه دعوات امه..مشهد صلاة البطل يعد عند تحليل الشخصية واحدة من اهم ابعادها حيث يمكن وصفه فى التحليل بأنه متدين جنبا الى جنب الى صفاته الاخرى الجسمانية والطبقية ومستوى التعليم الخ.الخ، مضافا لكل هذا مواقفه وسلوكياته فهو شخص مسئول..بار بأمه..جاد فى عمله ومخلص..شهم وكريم..استطاع ان يغير بعض الشخصيات الى الافضل كشخصية لميس الفتاة السكيرة الضائعة..كل هذه القيم الاسلامية لم يرها هرلاء الكهنوتيون ومن لف لفهم..هؤلاء الشيوخ اصحاب العلمانية الفجة الذين لا يروون الدين فى اشتغاله واشتباكه بحياة الناس اليومية فهم يرونه فقط فى من يسمون انفسهم العلماء والدعاة لذلك حولوا الدين الى حزمة من التعاليم التى تراقب الناس وتحصى انفاسهم..الى حزمة من التعاليم التى تؤسس للقتامة والخوف والكراهية…هؤلاء الدعاء الذين وفى جرأة نادرة وتعال كبير تكلم احدهم عن المسلسل معترفا بأنه لم يشاهده بل يستنكف ان يشاهده مكتفيا بملخص قدمه له احدهم..هذا الملخص الذى لا علاقة له بما جاء فى المسلسل، فهذا الشيخ العلماني الفج وبألفاظ غاية فى القسوة يقول وبالنص ان المسلسل يصور شيخ الرفاعي بأنه بتاع اولاد ( عيالاتى ) هكذا قالها ويصور الشيخ بأنه يشرب الخمر وهذا غير موجود فى المسلسل على الاقل فى كل الحلقات التى بثت حتى الان ( 8 حلقات ) ..هذا الشيخ لا يكتفى بهذا البهتان وانما يمضى به قدما ليصف بطل المسلسل بالكفر ومحاربة الاسلام ..اى اسعلاء هذا واى جرأة على الله ان تصل الى تكفير مسلم وانت تستنكف حتى عن جمع البينات من مصدرها الحقيقى وتكتفى فقط بتلخيص قدمه لك شخص ما..
ان هذا المسلسل والذى يقع فى دائرة ما اسميتها ( بالموجة الثالثة فى الدراما السودانية )، يعد خطوة الى الامام فى طرح حكاياتنا وقصصنا ويحاول ان يضعنا وجها لوجه مع الكثير من قضايانا المجتمعية فالمسلسل يشير الى الفساد والى الاعلام ودوره والى الصحفى الذي فضل الموت على ان يبيع نفسه الى المفسدين والى التفكك الاسرى والى الذين يضطرون الى ترك الدراسة لاعالة اسرهم والى الفقر والى التكافل المجتمعى والى مشاكل الطالبة الجامعية والى الرسوم الدراسية والى عالم الدين الذى يتخلى عن مهامه فى التنوير والتغيير ومواجهة الظلمة وينشغل بشهواته الخاصة..هذا هو المسلسل حتى الان بمعنى انه لم تكن شخصية رجل الدين هى موضوعه الاساس.
سأواصل بتفاصيل اكتر بعد نهاية المسلسل ونهاية المسلسلات الاخرى ان شاء الله
وتحية لصناع هذه الموجة الاستثنائية التى لن تتطور الا بالنقد البناء.
مع المودة والتقدير
السرالسيد