
السفير/ الحارث إدريس الحارث
5 سبتمبر 2025 – نيويورك
يضمن ميثاق الأمم المتحدة الذي دخل حيز النفاذ في 24 أكتوبر 1945، سيادة الدول الأعضاء، وما يترتب عنها من حقوق الامتياز السيادي، وكذلك المساواة في السيادة وضمان شخصية الدولة القانونية واستقلالها السياسي، وضمان سلامة أراضيها والحفاظ على إقليمها السيادي، ولذلك فإنه من غير المتصور ولا المقبول الاعتراف بأي حكومة موازية أو منحها العضوية في الأمم المتحدة، حيث أن الأمم المتحدة ليست هي مشروع جماعي لتحويل التهديدات الإجرامية والإرهابية الى دول أعضاء وأرساء سابقة تقبلها بتمكين المليشيات الأجنبية المسلحة والادعاء بالشرعية وتقويض أسس التعاقد الدولي.
إن الميثاق يمنح العضوية للدول لا للفصائل المسلحة التي تسعى لهدم وتفكيك الدول والتي تقوض السلم والأمن الدوليين، حيث تحدد المادة ك 5 و 6 إجراءات تعليق العضوية بدون أي إشارة لقبول عصبيات مسلحة تنشط ضد الدولة العضو.
تم تعريف الدولة في اتفاقية مونتيفيديو لعام 1933 باستيفاء معايير الإقليم والسكان والحكومة والقدرة على إدارة العلاقات الدولية، وهي منظومة تقرر إليها “حكومة” تأسيس ومجموعة النشاط الولائي لدولة الإمارات.
ومن استعراض تاريخي للحكومات المتنازع عليها أكدت الممارسة الأممية والدولية عدم قبول ازدواجية التمثيل السيادي.
1-القرار رقم 2758 لعام 1971 أكد اعتراف الجمعية العامة بجمهورية الصين الشعبية واستثناء تايوان.
2-القرار 66/1 لعام 2011 وافقت الجمعية العامة على اعتماد المجلس الوطني الانتقالي الليبي ومنعت مشاركة أي وفد آخر.
3-التجربة الكمبودية وميانمار خلال الأعوام (1979 – 1993) أكدت على الاعتراف بوفد واحد.
وتجربة أرض الصومال منذ عام 1991 تراوح مكانها لم تنل اعتراف الأمم المتحدة من حيث أن الاعتراف يدل على عمل سياسي وقانوني مستمر بإجماع دولي ضمن عملية إنشاء الدول في القانون الدولي، وأن الاعتراف بحكومة السيد التعايشي المفترضة لا يمكن أن يتم بدون خرق الأمم المتحدة لالتزاماتها القانونية الناشئة عن اتفاقية مونتيفيديو لعام 1948 والتي تلزم الدول والمؤسسات بعدم ارتكاب تلك المخالفة والقاعدة عليها تأكيد على أن الأمم المتحدة أصدرت قرارات عديدة بمنع أي ازدواجية ورفضها.
لقد أكدت التجربة الأممية وممارسات الدول وتراث الأمم المتحدة أن لوردات الحرب والمليشيات العصبوية ليست هي الأساس الذي يقوم عليه النظام الدولي للأسباب التالية:
•إن الميثاق يلزم الأمم المتحدة باعتماد الدول بغض النظر عن النزاعات التي تمور في أراضيها ما لم يدين إذا كان ذلك النزاع يرقى لتجربة العدوان، لأن الميثاق تأسس على رفض العدوان.
•إن الميثاق يقوم على قيم العيش المشترك في سلام وحسن الجوار والتكافل للحفاظ على السلم والأمن الدوليين وعدم استخدام القوة المسلحة بغير المصلحة المشتركة.
•وإن الميثاق نفسه الذي أنشأ الأمم المتحدة أشرفت عليه حكومات ومناديب تلك الحكومات في سان فرانسيسكو حيث جاؤوا بوثائق تفويض مستوفية الشروط .
•إن أهم مقاصد الميثاق هي حفظ السلم والأمن الدولي مما يعطي الأمم المتحدة المشروعية القانونية لقمع أعمال العدوان وغيرها من الانتهاكات المخلة بالسلم ويحجر على أعضاء الأمم المتحدة التهديد باستخدام القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي والاستغلال السياسي لأي دولة مما لا يتفق مع مقاصد الأمم المتحدة .
•إن العضوية للأمم المتحدة متاحة للدول الأخرى المحبة للسلام.
وقد أشار موجز الأمين العام السياسي بشأن خطة جديدة للسلام العالمي إلى المخاطر الناجمة عن انتشار الجماعات والعصابات المسلحة والإرهابية في أفريقيا ومراجعة الأطر الناظمة لإصدار صك ملزم قانوناً لتحريم النظم القاتلة مثل التي تستخدمها مليشيا الدعم السريع وبلورة قواعد ومبادئ حول تطبيقات الأسلحة في عالم يتميز بالخروقات الشروخات مع استحداث نظام يمنع تهريب الأسلحة والذخائر مع انتشار النزاعات والإرهاب بشكل أفقي والتواصي على وقف التدخلات لعدم جدواها .
ولفت الامين العام العالم الي تعاظم دور ومخاطر الجماعات المسلحة التي تنشط خارج اطار الدولة في أفريقيا مما اسفر عن توسيع نطاق الأنشطة الإرهابية في إفريقيا والتي تستخدم الطائرات المسيرة ووضع حد للعمليات العسكرية. فهل بعد هذا ستقبل الأمم المتحدة بطرد مناديب الدول المعترف بها والتي يستقبل زعماءها الامين العام ليحل محلهم البغاة الجفاة التي شهدت الانسانية قتلهم للمواطنين بدون حق وسفك الدماء في الأرض ، ودفن المواطنين أحياء واحتجازهم وتجويعهم وبيع النساء في سوق النخاسة ، مالكم كيف تحكمون ..
إن رسالة الأمم المتحدة ظلت عبر الأحقاب الماضية منذ نشأتها أنها مجمع للدول المحبة للسلام وليست للمليشيات التي تزدهر بإثارة النزاعات والحروب، وأقول كما ذهب إلى القول أحد المحللين المبرزين من خلفية علمية في الأمم المتحدة – للسودان علم واحد، وصوت واحد، ومقعد واحد في الأمم المتحدة. هذا المقعد ملك للدولة وليس لمليشيا متنكرة في زي حكومة، وإن لجنة الاعتماد التابعة للجمعية العامة سترفض ترشيح حكومة تتأسس ورعاتها الإقليميين لأنها إذا قبلتها ستنتهك ميثاق الأمم المتحدة وتوقف مع دعاة الهرج والمرج الإقليمي.
وقد قال الأمين العام الراحل داج همر شولد – لم تنشأ الأمم المتحدة لإيصال البشرية إلى الجنة، بل لإنقاذهم من الجحيم. وهل ثمة جحيم أشد فتنة من جحيم مليشيا الدعم السريع؟؟؟