يُحدِّثُنا التأريخ أن البرلمان الأمريكى أصدر تشريعاً يُبيح إبادة الهنود الحمر وذلك عند مولد الدولة اللقيطة فى بدايات القرن الثامن عشر ، كما أنه أصدر قراراً بتقديم مكافأة كبيرة مقابل كُلِّ رأسٍ مسلوخٍ لهندىٍّ أحمر ، وعُدَّ ذلك الفعل من الجرائم الكبيرة جداً ومن المخازى الإنسانية التى عرفها التأريخ .. وتعيش بلادنا اليوم واقعاً مأساوياً مماثلاً فى السلخ والسحل لقرابة العام فقدت معه القدرة على إستيعاب العدوان الجنجويدى على المواطنين الأبرياء العُزَّل والذى لم تعرف له سبباً سوى الهمجية والتوحُّش والتعطش للدماء ، وبدا لأهلها وكأنه كابوسٌ فظيع يُطاردهم فى صحوهم ومنامهم ويسوقهم من مرفأ لى مرفأ ، ملأ دواخلهم بالقهر والألم والإحساس بالعجز رغم مظهرهم الدَّال على الثبات ، فقد تميَّزت بلادنا وأهلها قبل أن تُغيرُ عليهم جحافل التتار وتُفسِدُ عليهم حياتهم وإستقرارهم بتنوعٍ قَبَلى مَثَّل على مَرَّ العصور تجسيداً لدوام الوئام ، ومصدراً للثراء الإجتماعى والثقافى قَلَّ نظيره رغم كُلّ المحاولات التى كان يسعى أصحابها ممن بَلَغ بهم السَفَه والعُته والنفاق وكل عوارض الأهلية الوطنية مبلغاً عظيماً ، وعَلَتْ وجوههم الكآبة والذُّل والهوان إلى تأليب أهل بلادى بعضهم على البعض وتأجيج نار الفتنة القبلية من حينٍ لآخر ، وكُلمَّا أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله .. وكانت الصفعة الأكثر إيلاماً من فظائع المليشيا المتمردة هى تلك التى تَلَقَّاها بنى وطنى من بعض بنى وطنى ممن مَرَدوا على أدنى درجات اللؤم وأدنى درجات الفُحش الأخلاقى بما أوتوه من مُكرٍ وخداع وتضليل ، فعَرَضوا وطنهم وأهليهم للبيع فى سوق النخاسة ، وسالت مشاعر الناس جداول لسوءِ ما رأته أعيُنَهُمْ من أُناسٍ كانوا يَعُدُّونهم من الأخيار أول أيام الثورة وهم يقفون بكُلِّ ذِلَّة ومهانةٍ وصَغَار فى طابور الخنوع للتشرف بالسلام على فخامته ..!! بل وقفوا بخشوع وهم فى كامل جاهزيَّتهم وجاهليتهم أمام إلههم الجديد الذى صنعوه من طِينَةِ الخَبَال وظلَّوا عليه عاكفين وهو الذِّى بَعثَرَنَا فى كُلِّ وادٍّ ..!! وقفوا أمامه وقفةَ الحائرين المُصَفَدِّين بأغلال الخواء ، يستشرفون إفكاً وباطلاً ، ويستبدلون جلودهم لملائمة الواقع الجديد ، يسيلُ نِفاقهم دَمَاً دافقِاً فى شرايين وأوردة الروبوت بمفردات الولاء العبثى التى يستحضرونها من مكبَّات العمالة والقذارة ليُحرِّكونه ويُنطِقونَه ويَنفُخونَ فيه الروح إن إستطاعوا إلى ذلك سبيلاً .
فيا أهل بلادى لا تلتَفِتوا لأصوات التخذيل ، فإن كان للباغى الشقى عدوَّاً مُتوهَماً يَدَّعى عداوته فى الوقت الذى يستهدف فيه ويقتل غيره من المواطنين الأبرياء العُزَّل ..!! ، فإنّ عَدُوَّكم ظاهرٌ أُذِنَ لكم مُقاتَلتهُ ودَفعَ أذاهُ ، فكل أحدٌ منكم مُعرَّضٌّ لفقد حياته من أولئك التتار كلاب الصحراء ، بل الوطن كُلّه مُعرضٌ لفقدِ سيادته وبقائه إن لم نصمد أمام هذا البلاء الذى حلّ بِنَا وهذه التحدِيَّات التى تواجهنا ، فلنعمل جميعاً من أجل أن تظَّل بلادنا ملاذاً حصيناً نشعر فيه جميعنا بالطمأنينة والرضا ، والأمن والأمان .
حفظ الله بلادنا وأهلها من كُلِّ سوء .
الثلاثاء ٩ يناير ٢٠٢٤م