الخرائط الذهنية وأهميتها في العملية التعليمية و التفكير الإبداعي 3-3
ترجع أهمية الخرائط الذهنية في العملية التعليمية إلي استنادها إلي عدة نظريات في مجال التعليم منها:
النظرية البنائية: ظهرت في بدايات القرن العشرين في مختلف العلوم الطبيعية، ولكن ملامحها في مجال التعليم وعلم النفس لم تظهر إلا في عصرنا الحديث، علي يد جان بياجيه Jan Piaje 1896-1980، عالم نفس سويسري الجنسية و الذي يعد أول من وضع منهجا تطبيقيا للبنائية في التعليم، النظرية البنائية تعني ببساطة التصورات أو الإجراءات التي تُمكن الطالب من القيام بالعديد من الأنشطة التعليمية أثناء تعلمه للعلوم، وتؤكد علي مشاركته الفكرية الفعلية في تلك الأنشطة، بحيث يستنتج المعرفة الجديدة بنفسه ويحدث عنده التعلم القائم علي الفهم ، وبمستويات متقدمة تؤدي إلى إعادة تنظيم البنية المعرفية للطالب وما فيها من معلومات، تتسق هذه النظرية مع الخرائط الذهنية في أن المتعلم يُصمم الخريطة الذهنية اعتمادا علي معرفته وأفكاره السابقة المخزنة في بنيته المعرفية.
نظرية أزوبل (التعلم ذو المعني) :وضعها ديفيد أوزوبل (David Ausubel 1918-2008)، عالم نفس أمريكي الجنسية، وبنى عليها عدة نظريات فرعية وتصنيفات، تقوم النظرية علي فكرة رئيسية وهي أن المتعلم يربط المعلومات الجديدة بوعي وإدراك مع معلومات موجودة أصلاً في بيئته المعرفية، أي أن التعلم لا يحدث نتيجة تراكم معلومات جديدة إضافة للمعلومات السابقة التي سبق وتعلمها، ولكن عندما يتمكن من ربط المعلومات بالبيئة المعرفية (الإطار الذي يتضمن معلومات الفرد الحالية وهي تتكون من مجموعة من المفاهيم العامة ومفاهيم وسطية مما يجعل لكل فرد بيئته المعرفية الخاصة به) ، تعمل الخريطة الذهنية علي تحقيق التعلم ذي المعني من خلال تزويد المتعلم بصورة بصرية قوية تمثل العلاقات والمعلومات المعقدة وتربط بين المعلومات السابقة والجديدة، كما أن المعرفة تنتظم في الخريطة الذهنية بنفس الطريقة التي تنتظم فيها في عقل المتعلم.
تكمن أهمية الخرائط الذهنية في العملية التعليمية أنها تراعي الفروق الفردية للمتعلمين وتحفيزهم علي الإبداع وتنشيط الذهن، كما أنها توفر التشويق للمادة العلمية والدراسة بشكل عام وتحقيق المتعة، وذلك من خلال استخدام الألوان المتعددة والرموز المختلفة التي تحفز الذاكرة البصرية وهي مهمة للغاية في عالم التعليم والتعلم حيث أن ما يصل إلى 80 في المائة مما نتعلمه يتم بواسطة الرؤية والإبصار. تساعد الخرائط الذهنية في تذكر الأفكار المهمة واسترجاع المعلومات بسهولة وتبسيطها بشكل مناسب، تيسر المراجعة السريعة للموضوعات من قبل المتعلمين عندما لا يجدون متسعا من الوقت لمراجعة تفاصيلها، تنمي مهارات المتعلمين في الإبداع الفني لتوضيح البيانات والمعلومات المكونة لموضوع التعلم وتزيد من ثقة المتعلم بذاته وتشعره بأنه قادر علي الإنتاج والإبداع، واحدة من أهم مميزات الخرائط الذهنية بالنسبة للمعلمين أيضا هي أن طبيعة هذه الأفكار المرئية تسمح لهم بمتابعة وتقويم فهم طلابهم للمواضيع التي يتم مناقشتها.
الخرائط الذهنية والتفكير الإبداعي
التفكير الإبداعي يعني أن تُطلق لنفسك العنان نحو التفكير خارج إطار المألوف بشكل منطقي، بهدف إرساء حل جديد في نوعيته، ولم يُستخدم من قبل، مع التأكيد على أهمية فاعلية وكفاءة الحل الذي يتم اعتماده، يعتمد التفكير الإبداعي على اصطناع عدد كبير من الاستنتاجات فيما يتعرض له الفرد من مشكلات أو العمل علي إنجاز مهام مختلفة (تعليمية أو مهنية) وذلك من خلال جمع معلومات كبيرة، والاستعانة بخبرات السابقين، ويجب أن تكون هناك بدائل متنوعة، لتوسيع دائرة الاختيار، مع وجود مرونة بالنسبة لعناصر الحل أو طرائق الإنجاز؛ من أجل تعديلها لتتواءم مع التطورات أو الاكتشافات المُتتالية أثناء مُعالجة الإشكاليات أو الطرائق جديدة لانجاز المهام، مع العلم أن التفكير الإبداعي يمكن أن يتم بصورة فردية أو جماعية.
إحدي آليات التفكير الإبداعي التي يمكن ربطها بالخرائط الذهنية هي طريقة (” Do it”) -التي حددها روبرت دبليو أولسن في كتابه “فن التفكير الإبداعي”- وهي اختصارات لعبارات باللغة الإنجليزي و تعني: (تحديد المشكلة، إطلاق العنان للعقل للتفكير خارج إطار المألوف، تحديد أفضل حل ممكن، تحويل الحلول إلي أفعال ملموسة). تساعد هذه الطريقة في إستخلاص أفضل الطرق والأفكار الإبداعيه عندما نطبقها عبر الخرائط الذهنية، التي تسمح بتسجيل جميع المشاكل والحلول بشكل سهل و بحذر، بالإمكان عن طريق هذه الخرائط وضع جميع الأفكار وتوليد المعلومات من العصف الذهني بشكل أسرع واكتشاف العلاقة بينها وبين تقليل المشاكل أو طرق انجاز المهام عن طريق استخدام الرسومات، الرموز أو الألوان أو المخططات، و حينها ستصبح الصوره الكاملة واضحة في الخريطة، و عن طريقها يسهل تحديد الأثر وتوجيهه لإستخراج أكثر الحلول أو طرق انجاز المهام الإبدعية. يستخدم المُعلمون أيضا الخرائط الذهنية كأداة لخلق الإبداع وسط الطلاب، ومنها يستطيعون تحفيزهم وتشجيعهم على البحث وإيجاد حلول للمشكلات من زوايا جديدة عبر النقاش والبحث عن العلاقات بين الأفكار المختلفة في موضوع الدرس.
طرق رسم الخرائط الذهنية
تعد الخرائط الذهنية من أسهل طرق التعليم والتفكير الإبداعي، فهي طريقة أو وسيلة للتعلم والتفكير لإدخال المعلومات وإخراجها من العقل، كما تساعد على تخطيط الأفكار تخطيطا كاملا، وتشترك جميع الخرائط الذهنية في خصائص معينة من احتوائها على شكل طبيعي متفرع من الشكل المركزي مستخدمة فيها الخطوط والرموز والصور والكلمات طبقا لمجموعة من القواعد البسيطة والأساسية والطبيعية والقواعد التي يحبذها العقل، هذه الطريقة هي الطريقة الفعلية التي يستخدمها العقل البشرى في التفكير حيث يتم ربط الكلمات ومعانيها بصور، وربط المعاني المختلفة ببعضها البعض بالفروع وهى تستخدم فصي الدماغ الأيمن والأيسر فترفع من كفاءة العقل (أنظر الحلقة الأولي)، و لتحقيق غايات استخدام الخرائط الذهنية، فأنها تُصنفُ إلى نمطين كما يلي :
النمط الأول: الخرائط الذهنية التقليدية والتي تستخدم الورقة والقلم وتبدأ برسم دائرة تمثل الفكرة أو الموضوع الرئيسي ثم ترسم منها فروعا للأفكار الرئيسية المتعلقة بهذا الموضوع وتكتب على كل فرع كلمة واحدة فقط للتعبير عنه ويمكن وضع صور رمزية على كل فرع تمثل معناه ، وكذلك استخدام الألوان المختلفة للفروع المختلفة وكل فرع من الفروع الرئيسية يمكن تفريعة إلى فروع ثانوية تمثل الأفكار الرئيسية أيضا لهذا الفرع، وبالمثل تكتب كلمة واحدة على كل فرع ثانوي تمثل معناه، كما يمكن استخدام الألوان والصور ، ويستمر التشعب في هذه الخريطة مع كتابة كلمة وصفية واستخدام الألوان والصور والرموز حتى تكون فى النهاية شكلا أشبه بالشجرة أو خريطة تعبر عن الفكرة بكل جوانبها.
النمط الآخر: الخرائط الذهنية الالكترونية والتي تعتمد في تصميمها على برامج الكترونية ، لا تتطلب تلك البرامج ان يكون المستخدم لديه مهارات رسومية لأنها تقوم بشكل تلقائي بتخليق خرائط مع منحنيات انسيابية للفروع ، كما تتيح سحب وإلقاء الصور من مكتبة الرسوم ، كما تضيف إمكانيات وقدرات قوية وجديدة للخريطة الذهنية منها ما يلي: ترتيب المعلومات في الموضوع مع إمكانية التوسع أو الطي في فروعه ، وهذا يجعل تخزين المعلومات بصورة أكثر بكثير من الخرائط الذهنية المنتجة تقليديا وبالتالي يمكن استخدامها لتكوين نماذج المعرفة المتطورة التي لم يكن من الممكن تكوينها من خلال الورقة والقلم ، تضمين الوثائق بالخريطة وعمل الراوابط والمذكرات وغيرها من البيانات داخل الخريطة وإمكانية تحويلها إلى ما يعادلها من قاعدة بيانات بصرية قوية، أي أن الخريطة تحتوى على ثروة من المعلومات الوفيرة المخزنة في كلمة أو وثيقة أو جدول بيانات أكسل أو صفحات ويب أو حتى رسائل بريد الكتروني وكل هذا يمكن الانتقال إليه بمجرد الضغط عليه مما يوفر الوقت، خاصة أخري وهي أن يمكن أيضا إعادة ترتيب المواضيع والأفكار من خلال تحريك بعض الإيقونات حسبما يقتضي الأمر.
أفضل برنامج مجانية لرسم الخرائط الذهنية الإكترونية في عام 2022
هنالك العديد من البرامج المجانية لرسم الخرائط الذهنية، منها:
• GitMind (الويب ، Android ، iOS)
• Bubbl.us (الويب)
• Coggle (الويب ، Android ، iOS)
• FreeMind (ويندوز ، ماك ، لينوكس)
• MindMup (الويب)
• XMind (Windows و macOS و Linux و Android و iOS)
• Draw.io (الويب و Windows و macOS)
• Mindomo (الويب و Windows و macOS و Android و iOS)
• SmartDraw (الويب و Windows و macOS)
• Ayoa (الويب و Windows و macOS و Android و iOS)