✍️ عبداللطيف كبير
عندما نظم الأديب الأريب أحمد محمدصالح طيب الله ثراه قصيدته الشهيرة ( نحن جند الله .. جند الوطن) نشيد الجيش مشاركا في مسابقة للأعمال الشعرية التي تمجد وتشيد بقوة دفاع السودان وسعيهاونضالها لنيل الإستقلال والدفاع عن الوطن وكان ذلك في العام 1955م .. ونظمه ذلك لم يكن محض أشعار وكلمات فحسب ولكنه جاء تعبيرا عن قيم تذخر بها هذه المؤسسة وهي لاتزال بعد في بواكير الميلاد اذ لم يمض عام علي سودنتها .. وفيما بعد أختيرت كلمات القصيدة لتصبح النشيد الوطني (السلام الجمهوري) ذلك اللحن الذي وضع لمساته الموسيقار العقيد أحمد مرجان رمز الموسيقي العسكرية وفخر القوات المسلحة فصارت لحنا وطنيا خالدا تقشعر له الأبدان ..
والشاهد في هذه المقدمة إسم الجلالة (الله) جل جلاله وعلا شآنه سبحانه وتعالي وإرتباطه بهذه الجندية وعقيدتها وإرثها وتقاليدها المستمدة من عقيدة أهل السودان وثقافاتهم بتنوعها وثرائها الفخيم وأسوق هذا الحديث علي خلفية ماراج في الاسافير ضمن محاضرة ألقاها القيادي بالحرية والتغيير خالد سلك في العاصمة القطرية الدوحة تكرارا لحديث ساقه من قبل كذلك علي ما أظن ( بحسب الفديو المنتشر) في مقابلة إعلامية أو شيئ من هذا القبيل عن أن القوات المسلحة محضن العلمانية ووصف جلالات جنودها بالسفاهة في معرض تدليله علي أدلجة القوات المسلحة ..!!
ولو بحث في أضابير السياسية لما وجد ضالته وهو يبحث عن ذلك الدليل ناهيك عن طعنه في مورث القوات المسلحة الثقافي والمعنوي وإشارته متهكما إلي أن إرتباطه بإسم الجلالة وشهادة الحق ( لا إله إلا الله) كان بغرض الأدلجة..
وقد فات عليه وهو لا يعلم إن مصطلح الجلالات وهي ترانيم الجنود وهم يقومون بأداء واجباتهم المختلفة خاصة في ميادين التدريب وغيرها من المهام الشاقة جاء إقتباسا من إسم الجلالة ومنطلق ذلك الإقتباس الموروث الشعبي السوداني الذي نهلت منه القوات المسلحة ومعلوم بالضرورة التكوين الصوفي الذي يتميز به المجتمع السوداني منذ دخول الإسلام إلي أرض السودان والذي جاء أسلوبا لنشر الدعوة إتخذه من هاجروا بالإسلام إليها بناءا علي ثقافة سكان هذه الأرض إذ كانو أهل ترانيم ونحاس فظهرت حلقات الذكر الجماعي والنوبة تلك الثقافة التي نبعت منها أهازيج الجنود في الثورة المهدية ومن قبلها السلطنة الزرقاء وغيرها من الممالك وهذه الجيوش هي الجذور الأولي والنواة لقوة دفاع السودان ومن هنا كان إرتباط ترانيم جنودها بذلك الموروث العظيم .. واقوي المظاهر علي ذلك نجد من أوائل الجلالات تدوينا علي النوتة الموسيقية لقوة دفاع السودان كانت جلالة :
لاإله إلا الله .. لاإله إلا الله
محمدا رسول الله
وكان ذلك مع قيام أول فرقة موسيقي عسكرية مع إنشاء قوة دفاع السودان في العام 1925م ومن خلالها سميت هذه الأناشيد مجازا بالجلالات..
وتبعتها الجلالات المأخوذة من إرث الأنصار والختمية
دائم دائم الله
دائم ..كريم الله
وشي لله ياميرغني
يالمكي والمدني
والسادة الأولياء
بيكم توسلنا
وأخري ..
كن شاكرا لله
وملازم الصلوات
لتفوز يوم الحساب
وجلالة علي دينار :
حبابو البشفع لينا حبابو
ياالنبي سيد دخرينا حبابو
السلام من الامام للنبي خير الختام
فقرا شيلو الجلالة للرسول خير البرية
ياحبيبنا يا محمد
ياشفيعنا يوم القيامة
فقرا عبيد الله
قوموا هداية الله
وأتركوا المعصية
وجلالة ود الشريف ..
ود الشريف رايو كمل
جيبو لي شالايتو من دار قمر
جبيبو لي شالايتو
يارجال الله حلوني من جقود
والجلالة المارش التي خلدت موقف مندي بت السلطان عجبنا فارس الحوبة .. وهي بلهجة أهلنا النوبة ..
كجو كجنا ترين لدا
ماندي كجو كما كرين تلدا ..ماندي …
يايا نحن جنود إن شاء الله نموت مالو
مدفعنا ضرب بالليل
عدونا قام جاري
صبيان البنات شالو شالو جدعو برا
وبين الجبلين فقدنا رجال
طابورنا الحار المابندار
أنا ماشي نيالا
عاجبني جمالا
سمبلا
ماهية مافي
ياهوي
ياميري …
معروف جندي السودان
بثباتهم في الميدان
والذود عن الاوطان
وحدود كل الجيران
فداء الأوطان واجب
والجيش حماة الوطن من الاعداء المتطفلة
وجيش العدو المهزوم جابوهو اسير للوطن ..
والكثير من النماذج لايسع المجال لذكرها..
وعلي قرار هذه الاهازيج الشعبية جاءت جلالات القوات المسلحة وترانيمها .. بربكم أين السفاهة في هذا الإرث!!!
ليمتد المنتوج المعنوي والثقافي للقوات المسلحة عبر تاريخها الطويل موثقا عبر مهرجانات الجلالات والإبداع العسكري ومشحونا بالقيم ليشحذ الهمم بشهادة أساطين الإبداع والشعر والموسيقي في بلادنا يخالج النفوس ويلهب الحماس برصين القول وسمح الكلام ليس بدعوات الخنوع والمجون وساقط القول والفعل ..
الجيش محضن القيم بشعاره الخالد (الله .. الوطن) رغم أنف المرجفين والمدلسين الذي يحاولون تزييف التأريخ إنتصارا لدعوا
تهم وإقصاءا لهذه المؤسسة وإرثها من وجدان أهل السودان ولكن هيهات..!!
خاب و خسر من ينتقص من قدر جيش بلاده مظنة الإحسان بإلباس التهم الهراء لا لشيئ غير التكسب السياسي ببضاعة كاسدة وفكر بوار ..
الجمعة 5 أغسطس 2022م