ما نراه من استقرار نسبي في سعر الصرف الأيام الماضية بعد مراحل تصاعد وانفلات متسارع لا يعدو أن يكون سوى وضع مؤقت لتوقف الحياة الاقتصادية بشكل تام.
إذا حدث انفراج للأزمة السياسية والاقتصادية الراهنة واستؤنفت عمليات الصادر والوارد قد يشهد الدولار في السوق الأسود ارتفاعاً كبيراً مما يعمق من المشكلات الاقتصادية.
في تقرير للجنة الاقتصادية والاجتماعية التابعة للأمم المتحدة ذكر أن عملتي لبنان والسودان سجلت خسائر أكثر من 80% خلال السنوات الثلاث الماضية، وقال التقرير إن الجنيه السوداني فقد 87% من قوته الشرائية.
انفلات أسعار السلع والخدمات يزيد يوما بعد يوم حتى صار الجنيه بلا قيمة، ومع استمرار الأزمة السياسية وإغلاق الطرق القومية وتوقف عمليات الصادر نتوقع المزيد من ارتفاع الأسعار ومن ضعف العملة الوطنية والمزيد من التضخم.
وزارة المالية وبعد اجتماع ضمَّ كل وزارات القطاع الاقتصادي والبنك المركزي أقرت مقترحات جيدة في كثير منها، لكن للأسف لم تتخذ أي قرارات تنفيذية حيالها.
أهم هذه المقترحات هو توسيع استخدام حصائل صادر الذهب لتغطية استيراد السلع الاستراتيجية وذلك بتخصيص 70% للسلع الاستراتيجية و30% الضرورية، وتوسيع قائمة السلع المستحقة للتمويل عبر مزادات النقد الأجنبي التي ينظمها بنك السودان المركزي، وتخفيض رسوم التصفية للذهب ومراجعة إجراءات العيار.
كان من الممكن أن تسهم مثل هذه الإجراءات في تضييق الفجوة بين السعرين.. الرسمي والأسود.. لكن تظل مقترحات يصعب تنفيذها خاصة فيما يختص بتخصيص حصائل الصادر، أولاً لضعف حجم الصادر من جهة، ولعدم دخول عائدات للصادر عبر الطرق الرسمية، هذا بخلاف عمليات التهريب لكثير من السلع السودانية.
لقد كانت تجربة تخصيص نسبة من عائد الصادر لاستيراد السلع كارثية في الفترة الماضية ولن ننسى شركات الأدوية الوهمية التي هربت بمليارات الدولارات.
استقرار سعر الصرف يحتاج إلى إقرار سياسات مشجعة للإنتاج وليس إجراءات إدارية أو أمنية بمثل ما هو متبع الآن.