د. إبراهيم الصديق
(1)
الصحفي يعبر عن رايه ، و رأيه خلاصة مصادره ومعارفه وتجاربه وبيئته ومنطلقاته وخلفياته السياسية و الاجتماعية ، هو مزيج من كل ذلك ، ولذلك لكل سمته و وجهة نظره ، وليس بالضرورة انها تتطابق مع رؤي وأفكار وقناعات الآخرين ، وهذا ثراء للساحة السياسية والخيارات الوطنية ، وما يجب ان نتفق حوله هو إحترام بعضنا البعض والثقة فى انفسنا ، ليس الجميع نسخة واحدة..
وهذا منطق لا يرضي البعض ، من الذين وضعوا قوالب لكل شيء أما أن تسير بمحازاتها أو تقذف بالإتهامات والأكاذيب والتنمر ، وهذا معيب.. وقد نال الاخ المهندس عثمان مبرغنى نصيبا من ذلك ، وهذا مثال فقط ، وليس سرا أن الأخ العزيز محمد حامد جمعة نوار حدثنى قبل فترة عن ذلك الضيق الذي يجده وكتب عن ذلك تلميحا وتصريحا ..
من الذى قال ان (الصحفى أما أن يعبر عنك) أو توجه له الأصابع بالإتهام وحملات الإغتيال المعنوي ، من له المصلحة فى تفتيت اللحمة الوطنية من خلال نظرته القاصرة عن الناس ؟
من الذي فضح تحالف بعض القوى السياسية والمجتمعية مع قائد الدعم السريع سوي الأخ عثمان ، أكبر وثيقة ضد (قحت) الآن هى شهادته من خلال اللقاء الذي جمعه مع حميدتى ، ولو لا مهنية عثمان وصلابة موقفه لكان اليوم فى جوقة الصامتين أو الشامتين و ما أكثرهم ، وربما هم وراء هذه الحملات و ضد كثير من الشخصيات ويرددها البعض دون تثبت ، ولإشباع غريزة الخلاف..
من الطبيعي أن تختلف المواقف ، وهذه سنن طبيعية ، والأهم هو إدارة تباين وجهات النظر وتوظيفها بما يحقق المثال ، ولكننا نتشبث دون مبرر مقبول بآرائنا ، وليس ذلك فحسب بل نشرع فى تبخيس سهم الآخرين..
الأخ عثمان له رأيه ، ولديه قناعاته ، دافع عن ذلك وآراءه مبذولة لمن أراد ، ولكنه لم يسلم من الترصد و الإستهداف وإختزال الأقوال وتحريفها وتفسيرها بعيدا عن سياقاتها ، وهو هنا نموذج ، فقد تعرضت له شخصيا من قبل ويواجهه كثير من الزملاء ، الباز وضياء الدين بلال ومزمل ابوالقاسم وعبدالماجد عبدالحميد وراشد والهندي وابو حباب وساتى وأسامة عبدالماجد ومحمد محمد خير والزميلات رشا وداليا وام وضاح وسمية وبت الماجدي ، عانوا جميعا من نصب المشانق وفش الغبائن وحسد النفوس ، هؤلاء الزملاء والزميلات لا يحملون سوى أقلامهم ولوح رقمى وكثيرا من الرؤي والحب لوطنهم وشعبهم ، هم ضمير الأمة ، يختلفون ويقاربون ولكن غاياتهم واحدة ، فلماذا محاولة اصطيادهم وتصنيفهم ؟ ولمصلحة من إثارة الغبار من داخل الصندوق الوطنى..؟
(2)
لا بد من تطوير نظرتنا للآخر ، وخاصة التنظيميين مننا ، فى أى حزب أو مجموعة كانت ، غالبا يكثر عندنا الإنكفاء على الذات ، إدعياء إمتلاك الحقيقة المطلقة ، و التضخيم و إحتكار الفهم ، هذا وهم لا أكثر ..
لا أحد يملك الحق المطلق ، كل الناس يؤخذ من رأيهم و يرد ، فلا داعي لهذه التحيزات ، وكذلك العصبية المهنية والجهوية والقبلية ، كلها (قوالب ضارة) ، الإنتماء الحزبي لا يعني (عصمة الرأى) ، إنه مجرد عقد سياسي أو إجتماعي على قضايا كلية ، وداخله تتنوع الآراء ، كما تتنوع التخصصات ، فلا حكر على الآخرين ، إلا من أتى بجريرة وهذا أمر آخر ، محله العدالة والقانون ، فلا تحاكموا الناس بآرائكم..
واتذكر هنا ، أن الأخ عثمان سعى فى العام 2015م لتأسيس حزب أسماه دولة القانون ، لا أدري أين أنتهى به الأمر ، ولكن ذلك شعاره ، واجتهاده فماذا يملك من يتناوشونه السهام..؟
.. لقد كتب فى صحيفة روز اليوسف المصرية ولم يزل طالبا بجامعة القاهرة متخصصا فى الهندسة التقنية (البرمجيات والحاسوب) وقدم نفسه حتى اصبح رئيسا لإتحاد الطلاب السودانيين بمصر بداية الثمانينات من القرن الماضى ، وعمل فى أفضل الشركات بالمملكة العربية السعودية لمدة عشر سنوات ، وأسس شركة وترأس صحيفة كانت ذات سهم فى بناء الرأى العام ، هل يأت ذلك من فراغ ؟ إنها رؤية ومنظور تختلف معها أو تتفق ، لكنها جديرة بالإحترام..
(3)
أعرف الأخ المهندس عثمان فى شخصه وجمعتنا لقاءات محدودة ، ولكننى أعرفه أكثر من خلال كتاباته ومداخلاته واحاديثه مواقفه ، واجد صعوبة فى معرفة سبب إستهدافه؟ هل هناك نقص فى عدد (المطبطبين) ؟.. لا أظن ذلك ..
ليكن هناك رأى آخر ، نسمع له ، نستنتج منه ، ربما نجد فائدة أو نفنده ونثبت مواقفنا ، لا داعى للتنفير وغرز الخناجر فى خاصرة كل راي..
المؤكد عندى ، وكما قلت عن البرهان قبل ايام ، أن هناك حملات إستهداف ممنهج للتشكيك والتحطيم والتفتيت ، وللأسف ينساق خلفها بنوايا حسنة أو بأجندة خبيثة البعض فمن الضرورى الإنتباه لها ، ودعونا نتكاتف من اجل وطن نتعايش فيه بإختلافاتنا وليس بجراح ودمامل.. صفوا النوايا..
نسأل السلامة للبلاد والعباد
الخميس 25 يناير 2024م