بدءاً.. لم تكن دولة الإمارات العربية غائبة عن تطورات الأحداث في السودان، بغض النظر عن التفسيرات المختلفة لهذا الوجود؛ بحسب اختلاف المواقف السياسية.
لذلك ليس غريباً أن تتم زيارات من مسؤولين في الدولة إلى الإمارات لأسباب سياسية أو اقتصادية .
تكررت زيارات البرهان وحميدتي للإمارات، شهدت خلالها إجراء مباحثات متعددة مع قيادات الدولة في الإمارات في أمور شتى، لكن لأول مرة ترتفع درجة رد الفعل بهذه الصورة الكبيرة؛ على خلفية الزيارة الأخيرة لرئيس مجلس السيادة الفريق عبد الفتاح البرهان.
قد يكون هذا الاهتمام الكبير نابع من تطورات الأحداث عالمياً؛ على خلفية الغزو الروسي لأوكرانيا، أو لتطورات الأحداث على المستوى الداخلي وتعقيدات الأوضاع السياسية والاقتصادية في السودان.
برغم هزال التحليلات التي ذهبت باتجاه أن زيارة البرهان ذات علاقة بعودة رئيس الوزراء السابق د. عبد الله حمدوك، والذي تجاوزه المشهد السياسي، إلا أنها أخذت حيزاً ليس بالقليل من اهتمامات الرأي العام ورواد مواقع التواصل الاجتماعي، وكتابات بعض الصحافيين .
البرهان وصل ابوظبي بدعوة رسمية من القيادة العليا الإماراتية .والمؤكد أن قضايا ذات أهمية كبيرة هي التي تسببت في الدعوة نظراً للأوضاع العالمية المضطربة والتي أثرت على الاقتصاد العالمي، مما يجعل قيادات كل الدول مشغولين بالتأثيرات السلبية لتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية.
أكثر الترجيحات تشير إلى انزعاج ابوظبي من تصريحات نائب البرهان الفريق حميدتي عقب عودته من موسكو، والتي أمن خلالها على إمكانية إقامة قاعدة عسكرية روسية على ساحل البحر الأحمر .
تصربحات حميدتي جعلت قضية القواعد العسكرية على البحر الأحمر تطل من جديد، فقد سبق أن أعلنت موسكو عن قيامها بإنشاء قواعد في العام 2017، وفقاً لتقارير روسية؛ عندما طلب البشير حماية روسيا له من الأمريكان، بالرغم من أن الحكومة السودانية لزمت الصمت ولم تؤكد ولم تنفِ تلك المعلومات .
لكن الصراع على ساحل البحر الأحمر ظل مستمراً، وهو صراع له أبعاد إقليمية ودولية معلومة.
فمن غير المستبعد مناقشة مثل هذه القضية المهمة لدولة الإمارات ولكل دول الخليج بشكل عام.
ابوظبي سعت لحل مشكلة الحرب بين إثيوبيا والسودان بتحويل منطقة الفشقة الى مناطق استثمار زراعي إماراتي بضخ 8 مليارات دولار. يشمل أيضاً طرق برية وسكة حديد من القلابات كمنطقة إنتاج إلى ميناء بورتسودان على البحر الأحمر كميناء تصدير. وبرغم فشل المشروع الذي طرح العام الماضي بسبب قيادة رأي عام ضده، وأيضاً لرفض قيادات مؤثرة في القرار من داخل المكون العسكري بمجلس السيادة، لكن فرضية إعادة النقاش حوله مع البرهان تظل موجودة، خاصة في ظل بحث السودان عن بدائل للدعم الأمريكي ودعم المؤسسات الدولية الذي توقف بعد انقلاب 25 اكتوبر، واستفحال الأزمة الاقتصادية.
لا أجد مبرراً للهجوم الذي شنه البعض على زيارة البرهان لدولة الإمارات الأيام الماضية، بل من المفترض أن نشجع أي مجهود يقود للاستثمار من دولة كما الإمارات، وفق القوانين واللوائح المعروفة؛ لأنه الطريق الأمثل لحل مشاكلنا الاقتصادية، وليس انتظار المنح.