د. إبراهيم الصديق
(1)
اربعة من اعضاء الكونغرس البارزين هم ( جيمس ريتش ، توم سكوت ،جون كورنين ، ميشال روندز) ، طالبوا الرئيس الأمريكي جو بايدن ضرورة تعيين مبعوث رئاسي لمتابعة الأوضاع في السودان..
بتاريخ 17 أكتوبر 2023م ، ارسل هؤلاء الاعضاء خطابا من صفحتين ، سردوا فيه تفاصيل ما جرى في السودان من تشريد ما يقارب 5 مليون مواطن والوضع الإنساني وزعزعة الإستقرار في الاقليم ونذر الإبادة الجماعية ، واشارت الرسالة إلى نقطتين مهمتين:
الأولى: أن الحرب في السودان قضية اكبر من أن يتم حصرها ومتابعتها من خلال تقاربر (الادارة الافريقية بوزارة الخارجية) ، وهنا إشارة لضرورة دائرة الإهتمام وتجاوز وزارة الخارجية ووضع الأمر تحت نظر الرئيس بايدن والكونغرس..
والاشارة الثانية هو الحديث عن منبر جدة ، وكونه لم يحدث إختراق لوقف إطلاق النار ومعالجة الوضع الإنساني..
(2)
بالتأكيد هذه الرسالة هي محاولة من الادارة الأمريكية لتركيز اهتمام اكثر بالحرب في السودان ، فقد تعاملت ادارة جو بايدن ببرود وسارت وفق مخططات ومآرب السفير جون قودفري واللجنة الرباعية ومساعى اليونتاميس ، ولا يمكن فصل جهوده الراهنة عن مساعيه قبل 15 ابريل 2023م ، فقد كان منخرطا في إتصالات وهندسة حلول بما يتوافق مع اجندة إقليمية ومنظمات معادية لبلادنا ، وبتنسيق مع قوى الحرية والتغيير قحت ، ولم تكن مواقف السفير خفية ، وقد مارس ضغوطا على قيادات سياسية واجتماعية للإنضمام للاتفاق الإطاري ، وكان حريصا على اطالة فترة الإنتقال لتجنب انتخابات (قد يفوز بها الاسلاميين)..
وبالتالى فان هذه الخطوة أو الرسالة ربما لتجاوز هذه المرحلة وبداية صفحة جديدة..
(3)
في لقاء جانبي خلال مباحثات سد النهضة عام 2018م ، قال دبلوماسي أمريكي لأحد الوزراء السودانيين إن (اهتمام الولايات المتحدة الأمريكية مركز على ضمان أمن مصر ، وإستقرار اثيوبيا ، وليس السودان) ، وهذا المنظور الأمريكي وضع السياسات تجاه السودان خاضعة للوبي محدد أو (شلة) ذات مصالح واجندة سياسية وهم اقرب للنشطاء من كونهم اصحاب رؤية استراتيجية.. ولذلك تأتى المواقف الامريكية خاضعة للإبتزاز والموازنات اكثر من كونها ارتباط بمصالح امريكية أو أمن المنطقة ، ناهيك عن تطلعات اهل السودان.
(4)
إذن هذا التحرك هو محاولة لتعزيز الموقف الرسمي وتجاوز الدائرة الضيقة التى تحتكر متابعة الوضع في السودان ، وقد اقترحت الرسالة عدد من الأسماء ممن اسمتهم خبراء في الشأن الافريقي واصحاب تجربة..
واتوقع موافقة الرئيس الأمريكي على تعيين مبعوث رئاسي خلال ايام ، ففى ظل تطورات الأوضاع في الشرق الأدني (فلسطين) وفي الشرق الاقصي (اوكرانيا) , وشدة الاستقطاب في القارة الافريقية ، فإن تعيين مبعوث لسحب الملف من طرف إلى آخر لتركيز الاهتمام حول القضية وليس حول تنفيذ اجندة معينة..
ويبدو لى ، أن القوى السياسية والوطنية والمدنية ، بعيدة عن التواصل مع الفاعلين في الساحة الأمريكية وترك الأمر للجهود الرسمية ووزارة الخارجية ، وهذا تقصير ملحوظ ، وهو مجال لبعض النشطاء وقصار النظر ، وينبغي سد هذه الثغرات بجهد وطني بما يتكامل مع الجهد الرسمي..
المهم ثمة اشارات لتحول في المواقف الدولية والاقليمية ، وكما تغيرت موازيين الحرب في الميدان ، نشطت اتصالات خارجية لقطع الطريق او تغيير المسار فأصحاب الاجندة لا يسأمون..
د.ابراهيم الصديق علي