عادل عبدالعزيز
كنت ضمن اللجنة الرئاسية التي زارت روسيا في العام 2017 وتم الاتفاق حينها على التعاون في مجال استكشاف المعادن والاستثمار فيها، وتطوير الحقول البترولية السودانية، وتقنيات الاستشعار عن بعد وتوظيفها في الإحصاء النباتي والحيواني، وغيرها من المجالات الحيوية. وعلى هذا فإن الأرضية متوفرة لتعاون استراتيجي بلا حدود مع روسيا.
يعد اقتصاد السودان ضمن الاقتصادات الصغيرة في العالم، بناتج محلي اجمالي حوالي 51.7 مليار دولار حسب إحصاء العام 2022 متراجعا عن السقف الذي وصله في العام 2017 وكان مقداره 129.7 مليار دولار، (إحصاءات البنك الدولي). وكان يتوقع حينذاك انتقال السودان لقائمة الدول متوسطة النمو مع استمرار معدلات النمو الإيجابي، ولكن حدث التراجع المريع في فترتي الحكومتين الانتقاليتين الأولى والثانية بسبب ضعف وسوء الأداء الحكومي، واضطراب الأحوال الأمنية طوال الفترة المعنية، وجائحة كورونا (2020)، والسيول والفيضانات (2021).
يواجه السودان الآن في ظل الحرب أوضاعا اقتصادية حرجة للغاية حيث يتوقع تراجع النمو الاقتصادي بنسبة -18% مع دمار شبه كامل للقطاع الصناعي، ودمار مؤثر في قطاع الخدمات والقطاع الزراعي.
حدث تراجع كبير في تحصيل الإيرادات العامة، وتراجع مماثل في الصادرات السودانية، مع الصعوبة في تحصيل عائدات الصادر، وتراجع تحويلات المهاجرين. أدى هذا للانخفاض المستمر والمتوالي في قيمة الجنيه السوداني مقابل العملات الأجنبية الحرة وعلى رأسها الدولار.
إيقاف التدهور واستعادة النمو يحتاج لموارد اقتصادية ضخمة تضخ في الاقتصاد. مساعدة الدول الفقيرة في تحقيق النمو الاقتصادي ومحاربة الجوع والفقر هي أهداف المؤسسات المالية الدولية مثل مؤسسة التمويل الدولية والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي. بتمويل من هذه المؤسسات ومن الدول المانحة. لكن الموقف الموحد لهذه المؤسسات والدول المانحة الغربية (انها لن تتعاون وتقدم تمويلاتها الا لحكومة مدنية في السودان). هذا موقف سياسي واضح لا يقبل التأويل والتفسير.
على الدولة في السودان أن تتجه للشراكات الاستراتيجية التي لا تفرض شروطاً سياسية، الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا تراجعت نسبيا سطوتها الاقتصادية لمصلحة دول أخرى.
بحسب إحصاء (حقائق العالم 2024) الذي تصدره وكالة المخابرات المركزية الامريكية CIA فإن اقتصاد العالم تتصدره الصين بناتج محلي اجمالي يبلغ 25.7 ترليون دولار، تليها الولايات المتحدة بناتج 21 ترليون دولار، وتأتي الهند ثالثة بناتج 10 ترليون دولار، واليابان رابعة بناتج 5 ترليون دولار، وألمانيا خامسة بناتج 4.5 ترليون دولار، وروسيا في المرتبة السادسة عالميا بناتج محلي اجمالي مقداره 4 ترليون دولار.
الصين والهند سبق لهما الاستثمار في قطاع البترول السوداني بحجم كبير، ولم يفرضا شروطاً سياسية. روسيا تم تبادل الزيارات بينها والسودان وتم ترفيع التعاون بين البلدين في العام 2017 الى المستوى الرئاسي حيث كان يمثل السودان نائب رئيس الجمهورية ويمثل روسيا رئيس الوزراء الروسي.
بزيارة نائب وزير الخارجية الروسي المبعوث الرئاسي الروسي للسودان، وزيارة مدير المخابرات السودانية الفريق أول مفضل لروسيا يبدو أن الفرصة متاحة لإعادة تأسيس التعاون الاستراتيجي بين البلدين. والله الموفق.