
من المعلوم للكافة بداهةً أن الأمن بمفهومه الشامل حاجة أساسية لجميع المواطنين كما هو ضرورة من ضرورات بناء الدولة السودانية الحديثة ومرتكز أساسي من مرتكزات التنمية وإعادة الإعمار بعد الدمار الكبير الذى أحدثته الحرب فلا أمن بلا استقرار ولاتنمية وإعمار بلا أمن ..!! وبالطبع فإن الأمن لا يتحقق إلا في الحالة التي يكون فيها العقل الفردي والحس الجماعي خالياً من أي شعور بالتهديد للسلامة والاستقرار .. فلابد إذاً من وجود نظرة مستقبلية جادة ومسؤولة لوزارة الداخلية بإداراتها المختلفة لتفعيل الجهود ( ويقينى أنها تفعل ) لتقوم بدورها القانونى والمهنى وإظهاره بين أفراد الشعب السودانى حتى يقدمون دعمهم الوطنى ومساندتهم لشُرطتهم لتحقيق مفهوم الأمن الحقيقى .. وبما أن أفراد المجتمع ومؤسساته تقع عليه مسئولية المشاركة مع المؤسسة الشُرطية فإن من الواجب عليهم دعم العملية الأمنية بصورة مباشرة وغير مباشرة كواجبٌ حتميٌ عليهم أقره ديننا الحنيف كما أقرَّته الأعراف المجتمعية بل والضمير الإنسانى .. لكن لابد في المقابل أن تخرج الشرطة عن نطاق واجباتها التقليدية التى كانت تقوم بها قبل التغيير الذى أحدثته الحرب الكارثية وآثارها المدمرة والانخراط مع أفراد المجتمع وحثهم على دعمها ومساندتها حتى تستطيع تقديم خدمات أمنية إستثنائية تتطلبها المرحلة الإستثنائية الراهنة ، وحتى تكتسب ثقة وتقدير كافة أفراد المجتمع لها ..!! ولكي تؤدي الشُرطة هذه الواجبات لا بد أن تكون مقبولة لدى المجتمع ولابد من تصحيح الصورة الذهنية القبيحة القديمة وإيصال الصورة الحقيقة والسليمة التى يجب أن تترسخ فى الأذهان ، وأن تزيل تلك الصورة الشائهة التى أسهم الإعلام السالب وسلوكيات بعض منسوبيها للأسف فى صُنعِهَا بأنها مجرد أداةً للجباية فى يد السُلطة وأداة للقمع والإرهاب وحماية الأنظمة الحاكمة أيَّاً كانت .. تلك الصورة التى توارثتها الأجيال وأسهمت فى إزدياد الفجوة والجفوة المفتعلة وتعميق الهُوَّة بينها وبين العديد من أفراد الشعب السودانى .. !! وذلك حتى تستطيع أن تطلب مساعدة أفراد المجتمع بثقة تامة ( وقلب قوى ) .. وهنا يكمن أهمية دور الإدارة العامة للإعلام والعلاقات العامة في تلطيف الأجواء بينها وبين لمواطنين .. هذا فضلاً عن أنَّ أفراد الشرطة أنفسهم أحوج الناس فى مرحلة بسط الأمن وإعادة الإعمار إلى اكتساب محبة أهل السودان الذين نكبتهم هذه الحرب وإلى كسب ثقتهم ولا يكون ذلك إلا إذا إطمأن الناس لحسن أدائهم فى تحقيق الأمن وفق إلتزامهم القوى بالقانون وإرادتهم الصادقة والأكيدة فى بسط الأمن المنشود .. فكلاهما( أى الشرطة والمجتمع ) لا يستطيعان أن يعيشا بمعزل عن بعضهما البعض مما يستوجب على هذه المؤسسة الشُرطية الإنخراط مع جميع فئات المجتمع حتى تستطيع الاستفادة منهم بالمشاركة الأمنية والمساعدة فى بسط الأمن وتحقيقه ..!!؟ فإذا كان الناس يهابون الأمراض الخطيرة والمعدية ويَهُبَّون مسرعين لوقاية أنفسهم وتحصين ذاواتهم باللقاحات والمضادات الحيوية كي لا يسري إليهم المرض فيفتك بهم أو يصيبهم بالعجز أو يقضي عليهم فلماذا لا يستخدمون الحصانة ذاتها في حماية أنفسهم من تفاقم الأمراض والمشاكل الاجتماعية الناجمة عن الحرب ويسعون جاهدين لحلها واجتثاثها من الجذور فيحفظوا أنفسهم ويحموا مجتمعهم من الانهيار ..!!؟ فمنطق الأشياء يقول بهذا القول ..!!
من أجل ذلك ينبغى أن تتسم الآراء المُشفقة والتحليلات التى تتحدث عن الذى ينتظر هذه المؤسسة العظيمة من مهام عظيمة وجليلة بالحد الأدنى من الموضوعية والإنحياز للحقيقة إن لم يكن للحق .. دعماً للعملية الأمنية بل الثورة على الجريمة ودك حصونها وأوكارها لينعم هذا الإنسان السودانى الذى أرهقته رحلات الموت نزوحاً ولجوءًا بالأمن الذى صار أغلى مفقود بعد أن كان أرخص موجود ..!!
وفق الله القائمين على الشرطة وحفظ الله بلادنا وأهلها من كل سوء .
الأربعاء ٩ يوليو ٢٠٢٥م