ثُمر المداد / د. أحمد عبدالباقي

الأعيان المدنية وموقعها في التفاوض

د. احمد عبدالباقي

يميز القانون الدولي الإنساني -في حالة النزاعات المسلحة الدولية والنزاعات المسلحة غير الدولية- بين الأهداف العسكرية والأعيان المدنية ولكل واحد منهما تكييف قانوني ينبغي أن يُراعي في حالة النزاعين المذكورين، الأهداف العسكرية هي التي تُسهم مساهمة فعالة في العمل العسكري، سواء كان ذلك بطبيعتها أم بموقعها أم بغايتها أم باستخدامها، والتي يحقق تدميرها التام أو الجزئي أو الاستيلاء عليها أو تعطيلها ميزة عسكرية مُحدَّدة (البروتوكول 1 المادة 52،, القاعدة 8 من دراسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر للقانون الإنساني العرفي الدولي) وبالمقابل، فإن الأعيان المدنية تشمل المدارس والجامعات والمستشفيات ومراكز الخدمات الصحية، وسائل النقل والمواصلات المدنية المزارع، المتاجر، المساجد، دور العبادة الآثار الإنسانية، المياه المخصصة لشرب الإنسان والحيوان والنبات والبيئة الطبيعية.

التكييف القانوني للأعيان المدنية في أثناء النزاعات المسلحة

نادت كثير من الكتابات الفقهية، وقواعد القانون الدولي، ومن قبلهما الدين الإسلامي بجعل الحرب أكثر إنسانية؛ مما يُمكن معه التخفيف من المعاناة الإنسانية، إذ إنه لن تكتمل حماية السكان المدنيين إلا بتوفير الحماية الكافية لهذه الأعيان التي لا غنى لهم عنها في حياتهم ومعاشهم، والتي يتوجب على جميع الأطراف المتنازعة بذل الجهد للتعرف عليها وإفراغ الوسع لمنع استهدافها عند شن الهجمات العسكرية أو اتخاذها ثكنات عسكرية تعرض حياة المدنيين للخطر، لهذا أوجبت اتفاقيات لاهاي لعامي 1899 م و1907 م التقيد بقواعد حماية الأعيان المدنية والثقافية، وتكرست هذه الحماية بشكل صارم وأكثر وضوحاً بعد اعتماد اتفاقيات جنيف لعام 1949 م إلى أن اضطلعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالمُطالبة في توفير حماية أكبر، وأُعِيد التأكيد على حماية هذه الأعيان وحرمتها وصونها من خلال اعتماد البروتوكولين (الإضافيين لعام 1977م

https://www.icrc.org/ar/war-and-law/treaties-customary)%20-law%20%20

الأعيان المدنية ليس موضوعاً للمساومة

الجيش السوداني يدافع عن شعبه وعرضه وماله وسيادته، وهذا ما كفلته القوانين العرفية والدولية والدينية؛ ولهذا يُطالب المجتمع الدولي بالاضطلاع بدوره تجاه دولة عضو في الأمم المتحدة وإدانة خروقات التمرد لحصانة الأعيان المدنية والحيلولة دون اتخاذها ورقة لأي لتفاوض يجري بينه وبين الجيش السوداني، ينبغي أن تدين المنظمات الإقليمية مثل الاتحاد الإفريقي، جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي ومنظمة الإيقاد انتهاك التمرد للقانون الدولي الإنساني ولحصانة الأعيان المدنية والمطالبة بإخلائها دون أي شرط مسبق أو لاحق، وألا تكون موضوعا للمساومة في أية مفاوضات مقبلة لتحديد مصير التمرد.

يجب أن يضع المفوض السوداني في باله ملكية للشعب السوداني لتلك الأعيان بنص القانون الدولي وأن يرفض وضعها ضمن أجندة المساومة، وعليه التمسك بأسس القانون الدولي الإنساني في أن ينسحب التمرد من الأعيان المدنية دون قيد أو شرط مسبق أو لاحق، ويجب أن يُلزم التمرد بدفع تعويضات مالية لإصلاح تلك الأعيان وتعويضا ماليا جراء الضرر النفسي والمعنوي الذي أصاب المدنيين، وحرمانهم من الاستفادة من تلك الأعيان التي بناها الشعب السوداني بدمه وعرقه، ولا يجوز لقائد الجيش أو من يمثل السودان أن يتنازل عن حق تكفله الشرائع الدينية والقوانين الدولية. يجب أن تستيقظ ضمائر عضوية النقابات والهيئات المهنية السودانية والأحزاب السياسية أينما كانت لإدانة انتهاك التمرد لحصانة الأعيان المدنية، ومطالبته بإخلائها. كما أن حديث بعض هذه الكيانات عن معاناة المدنيين على استحياء دون المطالبة بإخلائها يعد خذلانا للشعب السوادني وخيانة لعهد الدفاع عن الوطن بأضعف الإيمان وهو دفاع السنان والجيش يهب نفسه قربانا للوطن. على المقاومة الشعبية أن تتخذ خطا قويا لتشكيل رأي عام سوداني شعبي ضد أي تسويات تمس حقوق الشعب السوداني المشروعة في ملكية عين ومنفعة الأعيان المدنية التي تقر حصانتها قوانين الحرب والقوانين الدولية، وليس أهواء السياسيين أو الدول الراعية للمفاوضات التي تتخذ الوساطة من أجل مصالحها القومية، وليس من أجل سواد عيون الشعب السوداني أو رحمة به.

اترك رد

error: Content is protected !!