الأخبار المصرية تجري حواراً شاملاً مع السفير المصري بالخرطوم “هاني صلاح” تناول فيه القضايا الحيوية والراهنة
سفيرنا في الخرطوم: مصر والسودان يجمعهما مصير واحد وروابط إستراتيجية تاريخية
الخرطوم : رصد الرواية الأولى
أجراه : عمر عبد العلي
أكد السفير هاني صلاح سفير مصر لدى جمهورية السودان الشقيق، عمق العلاقات المصرية السودانية التي تربط بين الدولتين والشعبين والممتدة عبر التاريخ منذ آلاف السنين، موضحًا أن الروابط الاستراتيجية التي تجمع بين البلدين تعززها أواصر التعاون المشترك والتقارب الأزلي مما يجعل من الدولتين نموذجًا يحتذى به في العلاقات الدولية ذات المصير الواحد.
وأشار السفير هاني صلاح إلى أن السفارة المصرية في الخرطوم تبذل جهودًا مضنية لتعميق أواصر التعاون في كافة المجالات مع الجانب السوداني، حيث تحظى بترحيب ومودة بالغة من جانب كافة أطياف الشعب السوداني الشقيق الذى يعتبر الشعب المصري جزءًا أصيلا من نسيجه التاريخي ويعتبر القاهرة وجميع المدن المصرية هي بلاده الثانية.
في البداية ما انطباعكم عند ترشيحكم سفيرًا لمصر في السودان؟
شعرت بسعادة كبيرة لأنني أعشق السودان بلد الخيرات والماء والشعب الطيب المضياف، ومن يعمل في السودان يشعر أنه لم يترك أهله ووطنه في مصر، فالملامح للشخصية المصرية موجودة في الشعب السودانى من حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة.. ومهمتي في السودان ليست صعبة لأنني أعيش بين شعب يحب مصر وأهلها وأحاول جاهدًا زيادة الروابط المشتركة وتقوية العلاقات الاقتصادية والتجارية القائمة بالفعل.
إدارة ملف السودان
توليتم في السابق مساعدًا لوزير الخارجية ومدير إدارة السودان وجنوب السودان بوزارة الخارجية، هل يعد ذلك ترشيحًا صادف أهله؟
بالفعل، كانت مهمتي قبل ترشيحي سفيرًا لمصر في السودان هي مسئولية إدارة ملف السودان وجنوب السودان بوزارة الخارجية المصرية حيث لقيت دعمًا كبيرًا – ومازلت – من وزير الخارجية سامح شكري في هذا الملف المهم؛ لأن السودان هي امتداد طبيعي للأمن القومي المصري.
وتمثل لنا شريان حياة ويجمعنا تاريخ مشترك وحضارة ممتدة عبر نهر النيل الخالد وخلال إدارتي لملف السودان وجنوب السودان جمعتني بقيادة البلدين علاقات مودة وتعاون مشترك قائمة على الاحترام المتبادل والأخوة الصادقة وتبادل الرؤى والأفكار حول مجمل القضايا التي تمس صالح مصر وأشقائها في السودان وجنوب السودان.
وهى العلاقات التي تحظى بتأييد كبير من جميع الأطراف حيث تسعى مصر لدعم الأشقاء فى السودان وجنوب السودان حتى ينعم بالاستقرار والتنمية ويعم الرخاء على جميع أبناء شعب السودان وجنوب السودان.
وما الذى دار بينكم وبين الفريق أول الركن عبدالفتاح البرهان رئيس المجلس السيادى الانتقالى فى السودان فى أول لقاء؟
بالفعل كان الاستقبال رسميًا من قبل رئيس المجلس السيادى الانتقالى الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، بل وشدد خلال اللقاء وتقديم أوراق اعتمادى على دعم السفارة المصرية بالخرطوم وتقديم يد العون لها لتقوية الروابط المشتركة بين مصر والسودان، بالإضافة إلى إصداره أوامر بتذليل كافة العقبات أمام السفارة المصرية، وحتى يتسنى لها القيام بدورها المنشود والفعال في فتح آفاق تعاون جديدة بين البلدين لخدمة شعبى البلدين وتحقيق تقدم أكثر فى العلاقات التجارية والاقتصادية وصولا للتكامل العربى بين الدولتين.
وكما نقلت في أول لقاء مع رئيس المجلس السيادي الانتقالي تحيات وتقدير الرئيس عبدالفتاح السيسى له وتطلع مصر قيادة وحكومة وشعبًا لتعزيز وتطوير العلاقات الثنائية، وتوطيد أواصرها حتى ينعم شعبا مصر والسودان بالخيرات المشتركة على أرض البلدين الشقيقين، وفيما أكد رئيس المجلس السيادي الانتقالي على خصوصية العلاقات الأزلية التي تربط بين البلدين ومدى تقديره لمصر وقيادتها الحكيمة في دعم مسيرة التنمية والاستقرار في السودان.
هل هناك خطة عمل لكم خلال فترة عملكم سفيرًا لمصر فى السودان؟
وبكل تأكيد دولة بحجم جمهورية السودان والتي تتمتع بخيرات كثيرة وتجمعها مع مصر روابط تاريخية أزلية لابد أن يكون للدور المصري هناك خطوات إيجابية وفعالة على كافة الأصعدة والسفارة المصرية التي تعتبر حلقة الوصل بين البلدين وتعمل جاهدة على تذليل كافة العقبات أمام تقوية الروابط المشتركة.
وبالفعل هناك أمور مهمة لابد أن يعى إليها البلدان تتعلق بزيادة العلاقات الاقتصادية والتجارية والاجتماعية، المصرى يعيش فى السودان كأنه ابن البلد وتقدم له كافة التسهيلات فى شتى المجالات وكذلك الحال للسودانيين المقيمين فى مصر ودورنا هنا محورى لزيادة التقارب وتنسيق المواقف من أجل مصلحة البلدين.
مسيرة التنمية والبناء
ما موقفكم من الأزمة السياسية فى السودان وتعليقكم على توقيع الإطار التوافقى بين جميع المكونات السياسية للوصول إلى انتخابات قادمة؟
موقف مصر الرسمى ثابت ولا يتجزأ والقائم على ضرورة حلحلة الأزمة السياسية فى السودان مما يعود بالنفع على جميع أبناء الشعب السودانى كى ينعم بالاستقرار ويبدأ مسيرة التنمية والبناء، ومصر تقف على مسافة واحدة من جميع مكونات الشعب السودانى وإرادته الحرة وتسعى لدعم أى مبادرات إيجابية تقود البلاد إلى نبذ الفرقة والفتنة وتكوين ثقة متبادلة بين الجميع.
ومصر أيضًا لم تدخر جهدًا فى دعم السودان فى جميع المراحل وتقديم يد العون له حتى يحصل على استقراره المنشود باعتباره أمنًا قوميًا مصريًا وعربيًا واستقراره يهم جميع شعوب المنطقة، وكم عبرت كثير من دول العالم عن ارتياحها عندما تم التوقيع على الاتفاق السياسى الإطارى فى السودان بداية ديسمبر وحظى بتأييد دولى كبير وخاصة الأمم المتحدة حيث ينهى هذا الاتفاق الذى وقعت عليه قوى الحرية والتغيير وعدد من الأحزاب والتنظيمات والتجمعات المهنية والحركات المسلحة.
وبين المجلس السيادى الانتقالى، الأزمة السياسية بالبلاد؛ تمهيدًا لإجراء انتخابات وتشكيل حكومة لإكمال الفترة الانتقالية وهو الأمر الذى لاقى ترحيبًا ودعمًا مصريًا كبيرًا لأن أمن السودان هو من صميم الأمن القومى المصرى.
ماذا عن العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين؟
أعى جيدًا هذا الملف ويعتبر على رأس أولويات عملي بالسفارة ولقد عقدت عدة اجتماعات مهمة مع مسئولين كبار في السودان لاطلاعهم على أطر تطوير العلاقات الاقتصادية وزيادة التبادل التجاري وفتح آفاق جديدة للاستثمار المصري في السودان بالإضافة إلى متابعة المشروعات الثنائية الاستراتيجية بين الجانبين، وخاصة الربط الكهربائي والسكك الحديدية، ولقد لمست نظرة إيجابية من جانب المسئولين السودانيين لتذليل كافة العقبات أمام الشركات المصرية للاستثمار في السودان.
استضافة السودان
شهدت الخرطوم مؤخرًا انعقاد اجتماعات الدورة 114 لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية ما تعليقكم على تلك الاجتماعات؟
وبالفعل كانت استضافة السودان لاجتماعات مجلس الوحدة الاقتصادية العربية ذات بعد اقتصادي مهم حيث عقدت في توقيت مهم للعالم العربي، وتناولت العديد من الموضوعات المهمة في مقدمتها الأمن الغذائي وأهمية زيادة التبادل التجاري والاستثمارات البينية في الدول العربية.
وشاركت مصر بوفد رسمي برئاسة طارق شعراوي مساعد وزيرة التعاون الدولي ومستشار الوزيرة لشئون القطاع العربي والإفريقي والممثل الدائم لمصر فى أعمال مجلس الوحدة الاقتصادية العربية وحظيت المشاركة المصرية بترحاب كبير من كافة قطاعات مجلس الوزراء السوداني حيث تولت وزارة المالية السودانية التخطيط لإنجاح المؤتمر.
والذى كان بمثابة فرصة لبحث سبل تنمية تعزيز وتطوير التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري بين مصر والسودان، مشيرًا إلى وجود فرص كثيرة لمصر فى السوق السوداني ومختلف الولايات السودانية الـ 18 سواء على صعيد استثمارات مباشرة أو زيادة أرقام التبادل التجاري في مختلف السلع استيرادًا وتصديرًا.
ما الدور الذى قامت به السفارة المصرية بالخرطوم للتنسيق لاجتماعات مجلس الوحدة الاقتصادية العربية فى السودان؟
منذ إبلاغنا بطلب وزير المالية السودانى د. جبريل إبراهيم بتنظيم السودان اجتماعات الدورة 114 لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية، بالإضافة إلى استضافة الخرطوم اجتماعات الاتحادات العربية النوعية المتخصصة.
والتى تضم قطاعات متنوعة من الأعمال التجارية المختلفة مما زاد من زخم المؤتمر ولاقى نجاحًا كبيرًا.. وقامت السفارة المصرية بالخرطوم بكافة طاقمها بتقديم كافة التسهيلات وتذليل كافة العقبات أمام الوفود المصرية المشاركة سواء كان على مستوى الأمانة العامة لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية.
وعلى رأسها السفير محمدي أحمد النى الأمين العام لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية أو رؤساء الاتحادات العربية النوعية المتخصصة أو وفود الدول العربية والإفريقية المشاركة على هامش المؤتمر ومنذ اليوم الأول وحتى الأخير لانعقاد المؤتمر كانت السفارة المصرية بالخرطوم بكامل طاقمها في المؤتمر لدعمه ومساندته، وحتى يؤتى ثماره فى زيادة العلاقات الاقتصادية بين مصر والسودان وفتح آفاق استثمار جديدة بين البلدين وأتطلع مستقبلا إلى زيارات أخرى للوفود المصرية من رجال الأعمال ورؤساء الاتحادات العربية إلى السودان للمساهمة فى تعزيز العلاقات المحورية والتى تقع فى الأولوية الأولى للأمن القومى المصرى فى السودان، ومنها التعاون الاقتصادى وتحقيق منافع ومصالح مشتركة بين مصر والسودان تسهم بشكل مباشر فى تطوير العلاقات السياسية.
كيف ترى تطور العلاقات بين البلدين فى الفترة الأخيرة؟
يجمع مصر والسودان علاقات قوية على كافة الأصعدة وأعمل جاهدًا على زيادتها وهذا ما لمسته من كافة المسئولين هنا.. إنهم يحبون مصر وشعبها ويتطلعون إلى نقل التجربة المصرية في التنمية والتطوير والبناء إليهم، وإنهم يقولون لي دائمًا نريد أن تصبح السودان مثل مصر بل يؤكدون أن ما يقوم به الرئيس عبدالفتاح السيسى من إنجازات على أرض الواقع غير خريطة مصر كليًا نحو الأفضل بل ويطالبون بفتح أراضيهم للمصريين كي يستثمروا فيها ولهم الأولوية في ذلك في كل شيء.