الرأي

أثر التوازن الإستراتيجي الدولي على السودان

بروفسير محمد حسين ابوصالح

يأتي هذا المقال إلحاقاً لمقالنا السابق حول الحرب الناعمة والعقوبات الأمريكية على السودان….

في الفكر الاستراتيجي هناك مصطلح التوازن الاستراتيجي الدولي وهو عبارة عن قياس يقارن مستوى القوى الاستراتيجية بين أكثر من دولة، ويستخدم في ذلك عدد ضخم من المؤشرات.
وهي عبارة عن سبعة قوى رئيسية، ( الاجتماعية الثقافية، السياسية، العلاقات الخارجية، الاقتصادية، العلمية التقنية، العسكرية الأمنية، الإعلامية المعلوماتية )، وهي التي تؤسس لما يعرف ( بالقدرة ) التي تجسد الطريق للسيطرة وفرض الإرادة.
والإرادة وتجلياتها تختلف من دولة لأخرى لأنها تتأثر بالدوافع والقيم الحاكمة في المجتمع وبفلسفة الحياة في الدولة المعينة.

تطلق حالة التوازن الاستراتيجي عند تقارب هذه المؤشرات، وربما تتقدم دولة على أخرى في بعضها، وعندها تنطلق الحرب العالمية التي يتأسس بعدها نظام عالمي ( بقدرة ) المنتصر الناجمة عن ( القوة الاستراتيجية ).

وقد حدث هذا التوازن في 1910 فاندلعت الحرب العالمية الأولى حيث فرض المنتصرون إرادتهم ( وأساسها القوة العسكرية المعتمدة على محرك الديزل ) وقاموا بتأسيس النظام العالمي المعروف بعصبة الأمم، وفي 1930 تكرر هذا التوازن فنشبت الحرب العالمية الثانية حيث فرض المنتصرون إرادتهم ( وأساسها القوة المعتمدة على القنبلة الذرية ) والتي تشكل بموجبها نظام الأمم المتحدة وآلياتها المختلفة.

ما يجري في هذه المرحلة هو بروز حالة التوازن والتي تشكل القوة التقنية بشكل عام وتكنولوجيا المعلومات بشكل خاص محورها الأساسي للسيطرة.

نحن نشهد طبول الحرب العالمية الثالثة والتي ربما تكون سمتها الأساسية الحرب الذكية. ومن ثم يجب عدم الإنكفاء على الداخل ونحن نتعاطى مع الشأن الوطني، فنحن جزء من مسرح هذه الحرب، وهو أمر يتطلب منا الاستعداد بترتيبات استراتيجية مناسبة.

إذاً نحن على أعتاب حرب عالمية محتملة، وإذا ما اندلعت هذه الحرب دون أن نستوفي الترتيبات الإستراتيجية المناسبة فستشكل هذه الحرب المحتملة تهديداً وجودياً للدولة السودانية وشعبها وأرضها ومواردها، وبالمقابل فإن إدراك هذا الواقع المركب وإستيفاء الترتيبات الإستراتيجية المناسبة يمكن أن يحول هذا الخطر الوجودي إلى فرصة ضخمة لتشابك المصالح وتحقيق النهضة.

*أستاذ التخطيط الاستراتيجي والأمن القومي

اترك رد

error: Content is protected !!