ويتوالى فضح الجرائم – موقع La Silla Vacía الكولمبي يكشف : [ المرتزقة الكولومبيون في دارفور: أطفالٌ يُدرَّبون وسلاحٌ يُوزَّع ]


الصحفي سانتياغو رودريغيز ألفاريز
أعده للنشر باللغة العربية :
المحرر الدبلوماسي ل “الرواية الأولى”
•ترجمة وتحرير عن موقع La Silla Vacía الكولومبي
المرتزقة الكولومبيون في السودان: تدريب الأطفال على القتال بأموال إماراتية
في تحقيق صادم أجرته منصة La Silla Vacía الكولومبية، كُشف النقاب عن تجنيد وتدريب أطفال سودانيين في معسكرات قرب مدينة نيالا على يد مرتزقة كولومبيين، ضمن عملية عسكرية منظمة تديرها شركة أمن إماراتية وتدعمها قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، المعروف بـ”حميدتي”.
“نحن ندرب الأطفال ليُقتَلوا”

بهذه العبارة الصادمة استهل المرتزق الكولومبي السابق، الذي عُرِف باسم مستعار “سيزار”، شهادته عن المشهد الذي وثقه بالصورة والفيديو أثناء وجوده أربعة أشهر في السودان. وفي صورة التقطها بنفسه، يظهر طفلان لا يتجاوز عمرهما 18 عاماً، وهما يبتسمان ويرفعان علامة السلام، محاطين برجال بعضهم يوجه بنادق AK-47.
ووفقًا لـ”سيزار”، فإن الطفلين كانا ضمن مجندين درّبهم هو وزملاؤه الكولومبيون في معسكر يقع جنوب مدينة نيالا، عاصمة جنوب دارفور، التي تُعد القلعة العسكرية الرئيسية لقوات الدعم السريع. يقول:
“كنت في معسكرات تضم ما بين 1000 إلى 3000 مجند سوداني، من بينهم أطفال بعمر 10 و11 و12 عامًا، بالإضافة إلى بالغين. كان التدريب مكثفًا، من الساعة 8 صباحًا حتى 4 عصرًا، لمدة 4 إلى 5 أسابيع”.
صورة الحرب: أطفال، رصاص، ومرتزقة

شارك “سيزار” مع La Silla Vacía صورًا وفيديوهات توثق وجوده ومعسكرات التدريب، مؤكدًا أن المرتزقة الكولومبيين يرتدون زياً عسكرياً كريمي اللون، بينما يتدرب الأطفال السودانيون في ملابس بالية، بعضها قمصان أندية كرة القدم، وأحذية مهترئة أو حفاة.
وقد درب المرتزقة الأطفال على استخدام البنادق الهجومية، الرشاشات، القناصات من نوع دراغونوف، وقاذفات الـRPG، ثم يُرسلونهم مباشرة إلى جبهات القتال. قال “سيزار”:
“من المؤسف أن ندرّب أطفالًا نعلم أنهم سيُقتلون في المعركة. لكننا كنا نردد دائمًا: ‘إذا لم ندربهم، سيُقتلون بسهولة أكبر’”.
جريمة حرب وخرق للقانون الدولي
يشير تقرير La Silla Vacía إلى أن قوات الدعم السريع، التي فجّرت حرباً أهلية في السودان منذ عام 2023، ارتكبت جرائم واسعة النطاق، منها التطهير العرقي والتجنيد القسري للأطفال، حسبما وثقته منظمات دولية.
ويؤكد جان بابتيست غالوبين، الباحث في منظمة هيومن رايتس ووتش، أن تجنيد الأطفال دون سن 15 يُعد جريمة حرب وفق القانون الإنساني الدولي، وأن كولومبيا والسودان وقّعتا على البروتوكول الدولي لحظر مشاركة الأطفال في النزاعات المسلحة.
ويضيف:
“بما أن كولومبيا طرف في المحكمة الجنائية الدولية، فهي مُلزمة قانونياً بملاحقة أي مواطن كولومبي يشارك في هذا النوع من الجرائم، سواء بالتجنيد أو التدريب أو التواطؤ”.

من يقود العملية؟ رجل كولومبي، وإماراتي، وسوداني
تقود العملية شبكة دولية مكوّنة من:
• العقيد الكولومبي المتقاعد ألفارو كيخانو، المقيم في الإمارات، ويقود توظيف المرتزقة الكولومبيين.
• محمد حمدان الزعابي، رجل أعمال إماراتي، يملك شركة الأمن الخاصة GSSG، التي تدير عملية التجنيد والتدريب في السودان.
• حميدتي (محمد حمدان دقلو)، قائد قوات الدعم السريع، الطرف الرئيس في الحرب الأهلية السودانية، والذي سبق أن نفّذ انقلابًا عسكريًا عام 2021، ثم انقلب على حليفه البرهان عام 2023.
وقد سبق للزعابي أن ظهر في تقارير نيويورك تايمز عام 2019، متورطًا في شركات دعاية تدعم الحكم العسكري السوداني من داخل مناطق إنتاج إعلامي تابعة لحكومة أبوظبي.
الإمارات: الطائرات المسيّرة والأموال
قبل دخولهم السودان، تلقى المرتزقة الكولومبيون تدريبًا على الطائرات المسيّرة في قاعدة قرب أبوظبي، وفقًا لما أكده “سيزار”، وتعلموا قيادة طائرات “بيرقدار” التركية، رغم أن الطائرات المسيّرة التي ظهرت في السودان هي صينية الصنع من طراز CH-95 أو FH-95.
يشير تقرير نيويورك تايمز إلى أن حميدتي هو حليف وثيق للشيخ منصور بن زايد، نائب رئيس الإمارات ومالك نادي مانشستر سيتي، والذي تقول الاستخبارات الأمريكية إنه أرسل طائرات وأسلحة لقوات الدعم السريع تحت غطاء “المساعدات الإنسانية”.
القاعدة اللوجستية: بوصاصو الصومالية
تلعب مدينة بوصاصو الصومالية، التي تسيطر عليها الإمارات، دورًا محوريًا، إذ يتم من خلالها نقل المرتزقة الكولومبيين والأسلحة والتموينات إلى مطار نيالا.
يقول “سيزار”:
“من دون تلك القاعدة، لا يمكن للعملية أن تستمر. الطائرات تدخل وتخرج من هناك، وتنقل كل شيء إلى السودان”.
خديعة المال وسوء المعاملة

تكشف الشهادة أن المرتزقة يُستغلّون أيضًا من قبل الجهة الكولومبية الوسيطة، وهي شركة تديرها زوجة كيخانو، كلوديا أوليفيروس، تحت اسم A4SI، والتي تم تغيير اسمها لاحقًا إلى “Fénix”.
يُشتكى المرتزقة من عدم الحصول على مستحقاتهم المالية الكاملة، والتهديد بتحميلهم تكاليف السفر إن اعترضوا.
كما تُمنع عليهم الهواتف المحمولة المزودة بكاميرات، وتُراجع أجهزتهم باستمرار في القواعد الإماراتية والصومالية، لمنع تسريب المعلومات أو الصور.
في الختام
يختم “سيزار” شهادته بقوله:
“الكثير من المرتزقة يريدون الخروج من السودان، لكنهم لا يملكون المال. وهذا العمل، كما تعلم، ليس قانونيًا ولا شريفًا. لكنه واقع… ولا يزال كولومبيون آخرون يدخلون السودان لتدريب الأطفال على القتال”.
—————————-
•المصدر الأصلي: La Silla Vacía – كولومبيا (3 أغسطس 2025)
——————————
