من الأخبار الإيجابية المفرحة في السودان وصول 21 وابور للسكة حديد، فضلاً عن معدات تتيح صيانة عدد من القاطرات الأخرى. سوف ينشِط هذا بدون شك العمل في قطاع النقل بالسكك الحديدية. وفي حقيقة الأمر أن السودان بحكم موقعه الجغرافي مؤهل للعب دور المحور Transport hub في المنطقة، فله موانئ على البحر الأحمر، وتجاوره دول (مغلقة) أي لا توجد لها موانئ على البحار هي اثيوبيا وجنوب السودان وافريقيا الوسطى وتشاد.
طالعت في الأخبار أن مصر في إطار خطة تمتد الى 2030 اهتمت بخلق محاور نقل ولوجستيات تربط بين الموانئ البحرية والموانئ الجافة والمناطق الصناعية والتخزينية. وأهمها محور السخنة / الإسكندرية مروراً بالمناطق الصناعية والموانئ الجافة والمراكز التصنيعية والتخزينية في العاشر من رمضان والسادس من أكتوبر والسادات، الخطة ترمي لتطوير كافة قطاعات النقل لتتكامل مع بعضها، وتبدأ من تطوير الموانئ المصرية مرورا بمنظومة النقل متعدد الوسائط (سككي، وطرق برية، ونقل نهري).
حري بنا في السودان وضع خطة استراتيجية على غرار ما تم في مصر، حيث يعد قطاع النقل في السودان على رأس القطاعات التي يمكن ان تسهم في تحقيق عوائد ضخمة للاقتصاد، من خلال توفير خدمات العبور لصادرات وواردات الدول غير الساحلية المجاورة للسودان، باستخدام ميناء بورتسودان.
ميناء بورتسودان تتوفر فيه الآن الإمكانات التي تستوعب عبور كل صادرات وواردات الدول الأربعة المجاورة للسودان (أثيوبيا – جنوب السودان – تشاد – أفريقيا الوسطى) حيث تبلغ طاقته الاستيعابية أكثر من 15 مليون طن في العام، والمستغل منها لا يتجاوز الـ 30% الا أن ذلك يتطلب توفير ممرات عبور (Transit Corridors) مؤهلة ومنتظمة وآمنة بين هذه الدول وميناء بورتسودان.
العمل كله يمكن أن يقوم به القطاع الخاص، ما يلي القطاع العام هو توفير الإطار التنظيمي الذي يسهل تشغيل الممر، بما في ذلك تسهيل الاجراءات الجمركية، ومنع الجبايات الولائية، وان يقوم بتوفير البنيات الأساسية من طرق وسكك حديدية وما يرتبط بها من خدمات على طول الممر، بما يمكن القطاع الخاص من العمل في إطار نظام مستقر يمكنه من التخطيط للاستثمار والتشغيل طويل الامد.
إن أثيوبيا تقوم بدفع حوالي 1200 مليون دولار سنوياً لميناء جيبوتي كرسوم خدمات. إذا ما أحسنا إدارة ممر أثيوبيا يمكننا جذب 20% من حجم تجارتها عبر ميناء بورتسودان، ذلك سيدر على اقتصادنا القومي حوالي 250 – 300 مليون دولار سنوياً.
علينا إعطاء اولوية لتنفيذ مشروعات البنيات الأساسية التي تربط هذه الدول بالسودان، واعتماد اتفاقية تجارة الترانزيت للدول غير الساحلية Convention on Transit Trade of Land – Locked Countries 1965 التي وقع عليها السودان في 11/8/1965م واعتمادها لتكون إطاراً قانونياً حاكماً لتنظيم تجارة العبور مع دول الجوار. مع اعتماد نظم وإجراءات الكوميسا الخاصة بإدارة الحدود مع الدول غير الساحلية المجاورة. والله الموفق.