اسامة عبدالماجد
¤ حتى كتابة هذة الاسطر لم أجد مبررا ولو (غير مقنعا) للقاء رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، بالرئيس الاوكراني فولوديمير زيلينسكي.. ليس من فائدة مرجوة في هذا التوقيت من هذا اللقاء او من مصلحة ستعود بالفائدة على السودان .. بل العكس ان مسالب هذا اللقاء ربما أكثر من مكاسبه.. قد يرسخ اللقاء للخبر الملغوم الذي نشرته (سي ان ان) عن تعاون عسكري بين الخرطوم وكييف وعن قيام الاخيرة بتنفيذ عمليات قصف في الخرطوم عبر مسيرات من صنعها.
¤ سارع الممثل الاوكراني في الاحتفاء بلقاء اليرهان والترويج له.. رغم انه ليس باجتماع مجدول واقرب مايكون للعابر حيث كان في مطار شانون بايرلندا وكان كليهما في طريقه الى بلاده.. كانت اللقاءات المعدة مسبقا للبرهان ممتازة على راسها الاجتماع برئيس الوفد الروسي وزير الخارجية سيرغي لافروف.. فكيف نهزم لقاء بذلك الوزن مع موسكو ، بلقاء عابر في صالة (ترانزيت) مع زيلينسكي.. حتى الصور التي نشرت٧ض ق بدأت وكانها في (كافيه).. وان كان الممثل الاوكراني يقبل ذلك لنفسه، فذاك ظهور ليس بقامة الرئيس قائد الجيش.
¤ صحيح لا تبنى العلاقات مع اي دولة على حساب دولة اخرى، لكن هذة القاعدة لا مجال لها من الاعراب في القاموس الدبلوماسي.. الامر يختلف تماما عند النظر الى دولة عظمى مثل روسيا وهي في ذات الوقت تخوض حربا ضد اوكرانيا.. لدينا علاقات استراتيجية مع موسكو وهي ليست محل تلاعب او تهاون.. كونها الداعم الاول والاخير للموقف السياسي السوداني في مجلس الامن.. وكذلك حجم علاقاتنا معها تفوق حجم العلاقة مع اوكرانيا، في شتى المجالات وفي مقدمتها الاقتصادية.
¤ لنفترض ان اوكرانيا تمدنا بالمسيرات في حربنا ضد المليشيا الارهابية.. او كان العكس بان الخرطوم تبيع سلاحا لكييف – لاتستغربوا فان السودان يبيع ذخيرة لدولا خليجية -.. فان التعاون العسكري المتبادل وحطم عائداته مع كييف لن يكون بحجم التعاون السياسي مع موسكو.
¤ حتى لو اوحى زيلينسكي بحسب التصريحات المنسوبة له بشان اللقاء عن نقاشه مع البرهان حول الجماعات المتمردة ويعني فاغنر.. فان راس الحية الداعم للمليشيا الارهابية، رئيس مجموعة فاغنر تم قطعه إثر تحطم طائرته وبات يفغيني في عداد الهالكين.. بالنسبة لملف فاغنر فان التفاهمات بشأنه اكثر نفعا مع الرئيس فلاديمير بوتين بشان علاقة فاغنر بالمتمرد حميدتي.
¤ ارجح وبقوة ان السودان شرع في هذا الامر من خلال زيارة نائب الرئيس مالك عقار الى موسكو التقى خلالها الرئيس بوتين.. وقد ابلغنا عقار في تنوير صحفي ان بوتين قال له ان حميدتي متمرد مثل قائد فاغنر.. بالتالي لا يوجد محفز او مكسب سيعود على السودان من لقاء زيلينسكي الذي يحاول ان يستدر عطف العالم.. وهو الرئيس المدني الذي خاطب العالم من منصة الامم المتحدة مرتديا (الميري).
¤ قد يكون للبرهان رؤية خاصة من اللقاء – وأشك في ذلك – ولكن طالما ذكر ان جولاته الخارجية واللقاءات ليست لجلب الدعم العسكري.. هنا تسقط اي مبررات بشأن لقاء زيلينسكي.. في تقديري ان الهدف القاتل الذي ولج مرمانا في اخر ثواني بطولة نيويورك التي حقق خلالها السودان انتصارات بسبب القراءة الخاطئة لوزير الخارجية علي الصادق للملعب الدولي.
¤ على الصعيد الدبلوماسي علاقتنا فاترة – إن لم تكن متوترة – مع اوكرانيا ليس فقط بسبب تجاهلها لنا بعدم سفارة لها بالخرطوم. مثلما للسودان سفارة باراضيها منذ العام 2007 على ما اعتقد… لكن لأن السودان اتخذ قرارا صائبا في العام 2014 باعترافه بضم روسيا لجزيرة القرم.. كسب السودان كثيرا من ذلك الموقف.. وظلت رقبة موسكو سداده لكثير من فواتير الخرطوم خلال الفترة الماضية..
¤ لم تقطف سفارة السودان باوكرانيا اي ثمار سعلى الاقل منذ مباركتنا روسية جزيرة القرم.. مثلها وعدد من السفارات التي لم تحقق ماهو مطلوب منها.. على الاقل لم تحصل على دعم سياسي في حرب تحرير الخرطوم من المليشيا والمرتزقة.. ان للقاء غير الموفق مع زيلنسكي وهو مسؤولية وزير الخارجية ينبغي ان يكون محطة انطلاق لمراجعة اداء الوزارة و السفارات.
¤ وان تكون بداية التصحيح – طالما الحديث عن روسيا – بسفارتنا في روسيا والتي يديرها محمد الغزالي سراج.. وهو سفير يترأس لاول مرة بعثة.. وهو موضوع حيوي سنفرد له مساحة اكبر لاحقا.
¤ ومهما يكن من امر ان الخارجية ينبغي ان تكون العين الثالثة للرئيس.. لأنه لا يستند على حزب مثل المشير البشير يعينه على القراءة الجيدة للتقاطعات الدولية.. ويمكنه من تجاوز حقول الالغام.